في صباح الخميس العشرين من يناير كانت مصر كلها نطاقاً من الولاء والدعاء والبشر حول قصر القبة العامر!
في هذا اليوم الموموق، وفي هذا القصر المرموق، وضعت مصر المجيدة الخالدة تاجها الثاني على جبين ملكتها الطاهر!
في الساعة الحادية عشرة من ضحى هذا النهار الضاحك كان مولانا الفاروق يتم نعمة الله عليه بالزواج الموفق الباكر!
هل رأيت قبل اليوم أمة بأسرها تحتشد هازجة في مهرجان؟ هل سمعت في غير مصر ستة عشر مليوناً يهتفون بالحب لإنسان؟ هل علمت قبل فاروق أن اتفق مثل هذا الحب لسلطان؟
المدافع المبشرة تقصف في كل ثكنة، والموسيقى المطربة تعزف في كل ساحة، والنواقيس المجاملة تجلجل في كل كنيسة، والمذياع الجهير يرسل الأناشيد في كل جو، وهتاف الشعب المبتهج يهزج في كل نسيم، وتصفيق الجماهير المحتشدة يُدوي في كل شارع، وزغاريد العقائل والأوانس تنطلق من كل شرفة، وأدعية الترفئة والتهنئة ترتفع من كل قلب، وصوت الإمام المراغي ينبعث بالصيغة الشرعية من الحجرة الملكية رهيباً كأمر الله، جليلاً كصوت الرسول، فيربط بالدين قلباً بقلب، ويصل بالدعاء ملكاً برب، ويقرن في الدنيا تاجاً بتاج
فهل رأيت بعين الحلُم ما رأت عيناك في هذا القران؟
وهل سمعت بتاجين صاغهما الله من حب وإيمان؟
وهل أجتمع الدين والدنيا لغير فاروق في هذا الزمان؟
عهدنا بنشوة العرس تبسط قلبي العروسين؛ فإن زادت أبهجت قلوب أسرتين: فإن زادت أنعشت نفوس قرية
ولكن عرس الفاروق بِدْعٌ من الأعراس لم يسجل مثله التاريخ. وإلا فمتى وأين كان العرس الذي يشعر كل مواطن أنه عرسه، في بيته فرحه وفي نفسه مرحه وفي قلبه أنسه؟ لقد تبدلت الحياة غير الحياة في ثلاثة أيام على ضفاف النيل المقدس. فالجهود المسخرة لأكلاف العيش تقف، والعداوات المسعرة لمطامع النفس تبوخ، والأقلام المتسافهة على وجوه