آل زهر أسرة إيادّية أندلسّية، برّز كثير من رجالها في العلوم والآداب، وتفرّد منهم جماعة في الطب والفلسفة. وكان إمام جماعتهم وواسطة قلادتهم أبو بكر محمد بن أبي مروان ابن أبي العلاء بن زهر المتوفى سنة ٥٩٦ هجرية. وقد تميز أبو بكر هذا في علوم كثيرة وآداب وفيرة. وبرع في علم الطب والفلسفة والآداب العربية. وكان حافظاً للقرآن راوياً للحديث، وعانى قرض الشعر، وله موشحات مشهورة يغني بها، وهي من أجود ما قيل في ذلك. قال بعض من ترجموا له: (لم يكن في زمانه أعلم منه بصناعة الطب. وكان معتدل القامة، صحيح البنية، قوي الأعضاء، صار في سن الشيخوخة ونضارة لونه وقوة حركاته لم يتبين فيها تغير. وكان ملازماً للأمور الشرعية، متين الدين، قوي النفس، محباً للخير، مهيباً؛ وله جرأة في الكلام؛ وكان صائب الرأي، حسن المعالجة، جيّد التدبير. وكان كثير الإبداع في الشعر مع سلامة ذوق وسجاحة طبع، وانسجام أسلوب، وجمال ديباجة. فمن ذلك قوله يتشوق إلى ولده:
ولي واحد مثل فرخ القطا ... صغير تخلّف قلبي لديه
نأت عنه داري فيا وحشتا ... لذاك الشخَيص وذاك الوجَيه
تشوقني وتشوّقته ... فيبكي عليّ وأبكي عليه
وقد تعب الشوق ما بيننا ... فمنه إليَّ ومنّي إليه
ومن ذلك قوله:
إني نظرت إلى المرآة إذ جُليت ... فأنكرت مقلتاي كل ما رأتا
رأيت فيها شييخاً لست أعرفه ... وكنت أعرف فيها قبل ذاك فتى
فقلت: أين الذي بالأمس كان هنا ... متى ترحّل عن هذا المكان متى
فاستجهلتني وقالت لي وما نطقت ... قد كان ذاك وهذا بعد ذاك أتي