هوّن عليك فهذا لا بقاء له ... أما ترى العشب يفنى بعد ما نبتا
موشحة ابن زهر
قال جماعة ممن ترجموا له: من موشحاته قوله:
أيها الساقي إليك المشتكي ... قد دعوناك وإن لم تسمع
ومن أشهر المؤرخين الذين نسبوا هذا الموشح إلى محمد ابن زهر هو المحقق ياقوت بن عبد الله البغدادي الحموي المتوفى سنة ٦٢٦ هجرية. قال في ترجمة ابن زهر من كتابه (معجم الأدباء صفحة ٢١٦ من الجزء الثامن عشر) ما نصه: (وانفرد ابن زهر بالإجادة في نظم الموشحات التي فاق بها أهل المغرب على أهل المشرق. . . ومن موشحاته قوله:
أيها الشاكي إليك المشتكي. . . الخ
وسرد الموشحة إلى آخرها. ومنهم موفق الدين أبو العباس أحمد ابن القاسم السعدي الخزرجي في كتابه (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) فقد أثبت له هذه الموشحة في جملة موشحات أخرى عندما ترجم له في الباب الثالث عشر من الجزء الثاني من كتابه المذكور
ولا أدري أي شيطان سول لبعض المتأخرين أن ينسب هذه الموشحة إلى عبد الله بن المعتز فتهافت على هذا الخطأ جماعة من المعاصرين الذين أخرجوا للناس مجاميع أدبية فجزموا بنسبة هذه الموشحة إلى ابن المعتز مع أن ابن المعتز نفسه لا يعرف شيئاً عن الموشحات ولا عهد لأهل زمانه بشيء منها، لأن المعروف بين مؤرخي الآداب العربية أن هذا الضرب من الشعر إنما هو من مبدعات متأخري الأندلسيين وعنهم اقتبسه متأخرو المشارقة. قال العلامة ابن خلدون في مقدمته (أما أهل الأندلس فلما كثر الشعر في قطرهم وتهذبت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق منه الغاية استحدث المتأخرون منهم فناً منه سموه بالموشح. . . ينسبون فيها (الموشحات) ويمدحون كما يفعل في القصائد، وتجاروا في ذلك إلى الغاية. . . وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافر الفربري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني، وأخذ ذلك عنه أبو عبد الله أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد. . .) أهـ
ثم ألمع ابن خلدون إلى نبذة من تأريخ الموشحات عند الأندلسيين وأهل المغرب. وذكر أن المشارقة قلّدوهم في ذلك فلم يدركوا لهم شأوا. ومنه يعلم أن هذا الضرب من الصناعة