شهد شهر أغسطس (آب) الفائت حوادث دولية متفاقمة الخطورة، إذ طارت شرارة الحرب العالمية في الشرق الأقصى فأشعلت النار بين الروس واليابان، فكادت الحرب تجتاح العالم لولا الجهود الدبلوماسية التي بذلي لإخماد نار الحرب الروسية اليابانية. غير أن شبح الحرب العالمية عاد من الشرق الأقصى إلى أوروبا الوسطى، وأخذ يحوم في جوها مهدداً السلام بشدة.
وحديثنا في هذا المقال مقتصر حول النزاع الروسي الياباني. ولعرض هذا النزاع يحسن بنا التكلم عن أسباب الصدام الذي حدث بين القوى الروسية واليابانية، وعن تطور القتال بينهما، وأخيرا عن المفاوضات الديبلوماسية التي بذلت لعقد الهدنة بين موسكو وطوكيو، وعن شروط هذه الهدنة وأسبابها.
نشأت في اليابان في السنين الأخيرة روح استعمارية جديدة. فبعد أن أغرقت اليابان أسواق الشرق بمنتوجاتها، مما أدى بالدول الأخرى إلى وضع ضرائب فادحة على المنتوجات اليابانية لتحول دون دخولها بلادها، أخذت تتبع سياسة تتعارض وبقاء الأوربيين في الشرق. وكان هدفها الأول إجلاء الأوربيين عن الصين. فعملت، قبل احتلالها منشوريا، على تحقيق هذه الأغراض بالتفاهم مع الصين، ولذلك ساعدت على قيام أحزاب قوية في بلادها مطالبة بأن تكون (آسيا ل
الآسيويين كما أن أوربا للأوربيين، وأمريكا للأميركيين). ثم عملت على إنشاء فروع عديدة لهذه الأحزاب في الصين وجاوة والهند.
ولكن الحكومة اليابانية رأت أن الحالة الدولية تتطلب السرعة في العمل، فعدلت عن سياسة التفاهم مع الصين، وعمدت إلى سياسة القوة التي مكنتها من احتلال منشوريا، على رغم تعدد المصالح الغربية فيها. بعد هذا الفتح واجهت اليابان أوربا بقاعدة جديدة هي (ارفعوا أيديكم عن الصين).
لم تتحسن العلاقات بين اليابان والصين بعد استيلاء اليابان على منشوريا، بل عمدت