من أهم ما تمتاز به العربية أنها أوسع أخواتها السامية ثروة في أصول الكلمات والمفردات. فهي تشتمل على جميع الأصول التي تشتمل عليها أخواتها السامية أو على معظمها، وتزيد عنها بأصول كثيرة احتفظت بها من اللسان السامي الأول، ولا يوجد لها نظير في أية أخت من أخواتها. هذا إلى أنه قد تجمع فيها من المفردات في مختلف أنواع الكلمة اسمها وفعلها وحرفها، ومن المترادفات في الأسماء والصفات والأفعال. . . ما لم يتجمع مثله للغة سامية أخرى، بل ما يندر وجود مثله في لغة من لغات العام. فقد جمع للأسد خمسمائة اسم، وللثعبان مائتا اسم؛ وكتب الفيروزابادي صاحب القاموس المحيط كتاب في أسماء العسل؛ فذكر له أكثر من ثمانين اسماً، وقرر مع ذلك أنه لم يستوعبها جميعاً. ويرى الفيروزابادي أنه يوجد للسيف في العربية ألف اسم على الأقل؛ ويقرر آخرون أنه يوجد أكثر من أربعمائة اسم للداهية؛ ويوجد لكل من المطر والريح والنور والظلام والناقة والحجر والماء والبئر أسماء كثيرة تبلغ عشرين في بعضها وتصل إلى ثلثمائة في بعضها الآخر. وقد جمع الأستاذ دو هامر المفردات العربية المتصلة بالجمل وشئونه، فوصلت إلى أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربعة وأربعين. وكذلك الشأن في الأوصاف: فلكل من الطويل والقصير والكريم والبخيل والشجاع والجبان. . . في اللغة العربية عشرات من الألفاظ
وفي ذلك تختلف العربية الفصحى اختلافاً كبيراً عن اللهجات العامية الحديثة المتشعبة عنها. فمتون هذه اللهجات ضيقة كل الضيق لا تكاد تشتمل على أكثر من الكلمات الضرورية للحديث العادي، وتكاد تكون مجردة من المترادفات، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في إحدى مقالاتنا السابقة