تعالى أغرودتي أسمعك نشيد فتى الصحراء، الذي عشقته الرمال، وقَبّلته الشمس، وحضنه الغار، وحنَتْ عليه الجبال. . .!
تعالى. . . فإنّ هذا الفتى الجميل، ذا العينين السوداوين، والبشرة الزهراء، قد فَتنَ الدنيا فهي تناغي اسمه. . . وخلب القلوب فهي ترفُ لذكرهِ، وأعشى بنوره العيون فهي تَغضّ لمرآه!. . .
لقد كان هذا البطل يا فتاتي بشراً وسحراً ورحمة. . . وكان ينبوع نور ومصدر هدى. . . إن عالمه مملوء بالترانيم والتسابيح فأنصتي. . . أنصتي إليه. . .!
ليتك رأيته يا أغرودتي وهو يرعى الغنمَ فوق البطاح. . . يرف حوله الطُهر والصفاء. وليتك سمعت نجوى الرمال، إذ رأته، إلى الرمال. . . وليتك رأيته تحف به تلك العصبةُ من قريش فتنصره وترعاه. . . وليتك بصرت بالنور يتألقُ في حواشي الصحراء، ويتوهجُ في قمم الجبال. . . إذن، لرأيتهِ سيداً بطلاً!. . . ولسمعت حديثاً عجباً!. . . ولبصرتِ بما يذهل ويعجب!. . .
لقد روَّق الليلُ. . . ولَفّ الوجودَ. . . كان ليلَ الجاهلية والأوثان. . . وإذا بالّلهبِ الزاهي يتمايل في مكة العروس. . . وإذا بفتى الصحراء يخطو في الزمن. . . يدعو الناسَ إلى الهدى. . . إلى الله. . .!
لقد رفت حوله طيوف الأجيال. . . فغازلته. . . وإذا به يجمع في نفسه العظيمة تلك العبقريات التي ظهرت منذ بعيد. . . لا، لا. . . بل جمع عبقريات السنين الخوالي والسنين القادمات. . .
لقد مادت الصحراء وهي سكرى إذ رأته، وضجت الرمال وهي نشوى إذ غازلته. . . فراحت تقفزُ متوثبةً نحو البيت العتيق تهزج وتقول: