وجود هذا الفعل في اللغة العربية غريب جداً. غريب في صيغته، غريب في زمنه وغريب في مادته.
ولقد تنبه القدماء إلى صيغته فقالوا: إن أصله ليس بكسر الياء ولكن الياء سكنت استثقالاً، كما سكنت عين كل ما كان على هذا الوزن (قاعدة ذكرها المبرد في الكامل).
أما زمنه فقالوا أنه استعمل بلفظ الماضي للحال (وهذا غريب سنعلم وجهه).
وأما مادته فلم يعرفوا عنها شيئاً أو عرفوا عنها كل شيء فقد ألمعوا إلى أن أصلها لا أيس (وهي ملاحظة لها خطرها).
ويتصل بليس ليت فالمعروف في النحو أنها حرف تمن ولكن بعض العرب يجريها مجرى الفعل (كما في الصحاح).
والمهم أن ليت كليس إلا أنها تقدمت خطوة فاحتلت صيغة واضحة في الأفعال فقيل لات. والأخفش يقول إنهم شبهوها بليس وأضمروا فيها اسم الفاعل.
أما نحن فماذا نقول؟ نقول كما قال الأقدمون في ليس: إن أصلها لا أيس كما نقول في ليت أن أصلها لا أيت. لا معروفة وأيس أوأيت (ما هي).
أيس هذه الرابطة تدل على كون مطلق كأيت وهي في أكثر اللغات واحدة تقريباً خصوصاً اللغات القديمة. ففي العبرانية (يش) وفي السريانية (إيت) وفي الفارسية واللاتينية (أيس) أو (أست). في الفارسية أست وفي الفرنسية وفي الألمانية وفي الإسبانية وفي الإنجليزية وهكذا نجد أن ليت العربية ما هي إلا، لاوأيت السريانية وتركت مع لا كما تركت أيس مع لا.
أما ما يختص بزمن ليس فهو بالضبط ما تدل عليه المادة في اللغات المذكورة: فهو - كما قال الأقدمون - الحال بالرغم من أن صيغتها للماضي.
هذه الكلمة في أغلب اللغات اختصت بشخص معين عند الربط أما في العربية وفي الفارسية فلا. نقول في العربية: لست ولست الخ كما نقول في الفارسية. استم أو هتم وهتى وهست وهستيم وهستيد وهستند.