يقرض قارضون في مصر والشام والعراق وبلاد المغرب - هذا الذي يطلع في الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية والدواوين العامة؛ فإذا تعقب قارضي ذاك القريض متعقبون، وسوَّءوا عليهم ما يُهرئون، وأرذلوا تلك المخزيات المهلهلات - حِرد أولئك المقضِّدون والقوالون والفصالون ونزقوا، ولبثوا ليالي ونهرا متأوهين متأففين يلعنون النقد والناقدين. والناس في كل زمان لا يحبون إلا المدح والتمجيد، وبخ بخ، وزه، ومرحى. . .
يهوى الثناء مقصر ومبرز ... حب الثناء طبيعة الإنسان
وقد أردت أن أتقرب إلى أصحاب الشعر البهرج الهزروفي برواية أحاديث وأقوال في شعراء من قبلهم قالوا الشعر واللغة العربية عربية والناس ناس (والأدب غض والزمان زمان) ليتعزى الأصحاب بما يقرءون ويسمعون، وليتأسوا بإخوان لهم سابقين (إن الأسى تدفع الأسى)
ولولا الأُسى ما عشت في الناس ساعة ... ولكن إذا ما شئت جاوبني مثلي
وليستيقن القوم أن الله لم يدخر السخف لهذا الزمان، ولم ينج عصراً من العصور من خلط وهذيان. والدواهي أقاسيم، جزأها وقسمها بين الناس صانع حكيم
* (قال عبد الرحمن بن حمزة المكي: كان أبو العتاهية إذا حج يجلس عندي بمكة، فجاءه شاعر كان عندنا، فجعل ينشده وأبو العتاهية لا يصغي إليه لأنه لم يستجد شعره، فقال له الشاعر: مالك لا تصبر حتى تسمع؟ فقال:
سأصبر جهَدي لما أسمع ... فإن عيل صبري فما أصنع؟
* سمع عروة بن الزبير من ابن له شعراً، وكان ابنه هذا يقول الشعر، فقال له: يا بني، أنشدني، فأنشده حتى بلغ ما يريد من ذلك، فقال له: يا بني، إنه كان شئ في الجاهلية يقال له: الهزروف بين الشعر والكلام، وهو شعرك