(خرج النبي من المدينة لغزو خيبر في بقية المحرم من السنة
السابعة وفتحها في صفر)
- ١ -
مر (كنانة بن الربيع) على (حيي بن أخطب) سيد بني النضير فرآه واجماً ينكت الأرض بعود في يده ثم يصعد الطرف بين الفينة والفينة في حصون خيبر
فقال كنانة: أرى هذه القرية قد راعتك بحصونها، وحلت من فؤادك محلاً. طبت نفساً وطابت خيبر!
قال حيي: وكيف تطيب نفسي؟ وهانحن أولاء منذ ثلاث سنوات نعيش في غير أوطاننا مشردين في الآفاق! ونحن الذين بنينا (يثرب) بأيدينا، فأصلحنا أرضها، وأجرينا ماءها، وغرسنا جناتها، وأقمنا حصونها؛ وترانا اليوم ننزل في غير دارنا، ونأكل من غير زادنا، لأن محمداً افتتحها علينا، وأخذها عنوة منا!
لله تلك الأيام العزيزة التي قضيناها هناك أعزاء أشداء!! كنا نقاتل الأوس بالخزرج، ونقاتل الخزرج بالأوس، ونسعر نيران العداوة بينهما ونمدهما بالأسلحة ويمدوننا بأموالهم فما يزالون في تناقص وفناء، وما نزال في نعمة سايغة، وسيادة دائمة.
ولكن جاءنا ذلك الساحر الطريد، ففرقهم عنا ونفر موالينا ولا ندري كيف جمع بين قلوبهم الفائرة، وغسل أحقادهم الثائرة وشفى جراحهم الناغرة، وجعلهم أمة واحدة يأكل بهم يهود والعرب
قال كنانة: ولكنا أحسن حالا من بني عمومتنا فلقد أخذنا من أموالنا ما تحمله دوابنا ونزلنا بخيبر هذه القرية ذات البروج المشيدة فأوينا إلى ركن شديد. أما بنو قينقاع فيا حسرتاه على ما أصابهم، فعندما أخرجوا من المدينة قصدوا (أذرعات) فتناولتهم أوبئة الشام، فما انقضى الحول على نسمة تحت الشمس منهم!
- ونسيت (قريظة) إن قلبي ليطفح بالنيران كلما ذكرتهم! ماذا جنوا حتى يحكم محمد