[عويل الدم]
(مهداة إلى الأستاذ الزيات)
من وحي مقالة: (على هامش الموضوع)
بقلم جورج وغريس
(في يوم مشئوم، في بلد مجهول، جرى دم الشهداء على أديم الغبراء، وظل سحابة يومه شاهد الأرض للسماء؛ وفي الصباح الباكر مر عابر السبيل، فألفى الدماء قد استحالت إلى كلمات، فأخذ يلتقطها بيد مرتجفة ويلقيها في سلال حمراء وسوداء. . . وهاؤم اقرءوا تلك الكلمات. . . . . . . . . . . . . . . .)
لقد قالوا للسان اصمت فتكلمنا.
نحن القطرات المتساقطة من عيون الفناء، وحيث سقطنا ستظل الحقيقة قائمة إلى الأبد.
إنما يعيش الإنسان بالدم الذي يجري في عروقه، فإن مات شهيداً عاش الناس بما يلقيه من الدم في عروقهم.
لقد كذبت معاجم اللغة في كلمتين: (قعقعة السلاح) وصوابها (قعقعة الدم).
ليس معنى الموت الموت دائماً، فقد يكون معناه الحياة أحياناً.
أليس غريباً أن نهتف للحق مرتين: مرة في حنايا القلب، ومرة من ثنايا الأرض؟
لو أننا عدنا إلى حيث أتينا ثم خُيرنا في مصيرنا ما اخترنا غير هذا المصير.
لقد فهمنا حاجة الأرض فأطفأنا ما بها من ظمأ. . . .
أيها الثري الجائع. . . . لقد أتخمك الشبع!
لقد قالوا لنا عيشوا في معاقلكم فانطلقنا منها أحراراً لما أحجم القوم تقدمنا، وحين أطفأ الناس أنوارهم أتينا لهم بالمشاعل.
نحن مادة الحياة أينما حللنا. . . . . . عشنا في القلوب فخفقت، ولمسنا الأرض فنبضت. .
ليت الإنسان يفهم أن للحياة معنى غير الذي دارت عليه أيام الأنعام، والحياة بغير هذا المعنى لا معنى لها.
أنصتوا أيها الباكون حولنا واستمعوا، فإن قيثارتنا ترسل أنغامها السحرية.