الرجال يحدثونها دائماً عن مواضع الفتنة ومواطئ اللذات فيها، فلا تسمع رجلاً واحداً يحدثها عن مواطن الحسرة ومدافن الذكريات في أعماق نفسها، ويسألونها كل يوم عن شهوة بعد شهوة، ولا يسألونها: أي حزن دخيل ثقيل تحملين، وكيف تتعذبين!! إنها تضاحكهم وتداعبهم ترويجاً لخلاعتها بينما تباكيني وتناجيني تفريجاً لكآبتي، وهي في ذلك مضطرة إلى التظاهر بأنها امرأة بلا قلب ولا ضمير، وإلا اتهموها بأنها تحمل قلباً حياً وضميراً مستيقظاً، وعدوها بذلك خائنة لحرفتها غير حافظة لنعمتها.
لقد حبستْني وحرَّمتْ علي أن يسمعني أو يشعر بي أحد، وما جئت إلى هنا إلا خلسة منها. فهي الآن في أحط أوقاتها بين أحط الرجال.
ولكني لا ألومها فأنا الجاني الأول عليها،. . . لقد قادني الحب فقدتها أنا إلى معمعة العواطف، ثم قادتها العواطف المطلقة إلى مغانم الشهوات، ثم قادتها الشهوات الغريرة إلى مساقط الفساد، ثم إلى الهاوية التي لا مقيل لها منها إلا الموت.
وبكى وبكيت له ورحت أواسيه بالقول لأن مأساته أكبر من أن أعالجها بالعمل.