للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

دمشق

للدكتور عبد الوهاب عزام

يا أخي صاحب الرسالة: هذه أبيات نظمتها في إحدى زياراتي لمشق العظيمة وطويتها. ثم رأيت أن موضوعها يشفع لما فيها من قصور فأرسلتها إليك لترى رأيك في طيها أو نشرها

هذى دمشق فخل القلب يمتار ... طالت على القلب أشواق وأسفار

كم ماطلتك بها الأيام أُمنيَة ... لها على الدهر إعلان وإسرار

حطّ الرحال فهذا جهرةً بَردى ... وذي دمشق هناك الأهل والدار

لا تٌعجلني فما الأيام مُسعدة ... لا تخدعني فصرف الدهر غدار

دعني أؤلف آمالا مشتّتة ... وأَسمع القلب. ملء القلب أسرار

دعني أزود قلبي ملء مُنيته ... ففي فؤاديَ أسفار وأخطار

وردت جلّق ملتاعاً ومغتبطاً ... تطفي بنفسي آمال وأفكار

دمشق مجتمع الأعصار قد زخرت ... فيها كما أندفقت في البحر أنهار

خطّت أمامي سراعاً فوق رقعتها ... من الوقائع أسطار فأسطار

فكل رجل على التاريخ سائرة ... وكل طرف إلى التاريخ نظّار

وللأذان دوي فوق أربعها ... وللأذان ببطن الأرض إسرار

يذيع قبر بلال في مآذنها ... صوتاً له من وراء الغيب تسيار

كالنبع شق الصفا والترب فازدهرت ... منه الخمائل، وهو الدهر ثرار

ذهبت للمسجد المعمور أسأله ... وقد تدل على الأعيان آثار

رأيت فيه خلال القوم ماثلة ... وللبناء من البانين أقدار

علوت في قمة التاريخ مأذنة ... لها من الحق وتاريخ أحجار

تطوف حولي خطوب الدهر في صخب ... وتزحم العين دولات وأقطار

أرى الوليد على ملك لسطوته ... ذل الزمان، وفيه المجد خطّار

دانت لهيبته الأهوال واجتمعت ... في همّة العُرب أقطار وأعصار

كأن ما بين سيحون وقرطبة ... على الخريطة أفنار وأشبار

<<  <  ج:
ص:  >  >>