للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جامعة فؤاد الأول]

مواكب التاريخ في احتفالها بيوم اليوبيل الفضي

للأستاذ محمد محمود زيتون

يحق لكل مصري أن يفاخر اليوم بتاريخ أول جامعة مصرية انبثقت فكرتها في غمرة من الأحداث العاصفة، وأخذت تشق طريقها إلى الوجود بفضل ائتلاف عناصر الأمة، وبرغم أنف المستعمرين الذين جثموا على صدر الوادي، وكتموا أنفاسه بكابوس الاحتلال البغيض.

ولقد كان مصطفى كامل أسبق المواطنين إلى فكرة الجامعة إذ كتب في (اللواء) بتاريخ ٢٦ أكتوبر سنة ١٩٠٤ يقول (مما لا يرتاب فيه إنسان أن الأمة المصرية أدركت في هذا الزمان حقيقة المركز الذي يجب أن يكون لها بين الأمم، وأبلغ الأدلة على ذلك نهضتها في مسألة التعليم، وقيام عظمائها وكبرائها وأغنيائها بفتح المدارس، وتأسيس دور للعلم بأموالهم ومجهوداتهم، ولكن قد أن لهم أن يفكروا في الوقت الحاضر في عمل جديد، الأمة في أشد الحاجة إليه، ألا وهو إنشاء جامعة للأمة بأموال الأمة)

وانتهز مصطفى كامل مناسبة مرور مائة عام على توليه عاهل مصر محمد علي الكبير عرش البلاد (منذ ١٣ مايو سنة ١٨٠٥) فاقترح في اللواء بتاريخ ٨ يناير سنة ١٩٠٥ أن تسمى الجامعة (كلية محمد علي) تخليداً لذكرى باعث النهضة العربية.

أخذت دعوة مصطفى كامل تلوح من جديد في جو كله غيوم، غبر أن روعة الفكرة، ونبالة القصد، والإيمان بالعزة والكرامة، كل ذلك جعل الأمير حيدر فاضل يحبذ الفكرة ويستنهض لها الهمم العوالي، كما أثار الأستاذ أحمد حافظ عوض على صفحات (المؤيد) مناظرة صحافية موضوعها (أي أنفع للقطر المصري في حالته الحاضرة: الكتاتيب أم مدرسة كلية عالية) وتوالت الآراء على هذه المناظرة بين التأييد والمعارضة.

ومما هو جدير بالذكر أن فكرة الاستعاضة بالكتاتيب عن الجامعة، كان مصدرها اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر الذي حنق على مصر وأهلها منذ بنت في الأفق الشرقي طلائع النهضة المصرية المستنيرة، فتمكن من دفع سراة البلدة إلى إنشاء المدارس الأولية والإكثار من الكتاتيب في القرى بحجة أن الأمة أحوج إلى هذا النوع من التعليم

<<  <  ج:
ص:  >  >>