بدأ إدريس في إنشاء هذه المدينة ببناء السور أولا وتشجيعا للعمال لإنجاز مشروعه اشترك بنفسه معهم. ويمكننا أن نستدل من وصف كتاب (زهرة الآس في بناء مدينة فاس) لأبي الحسن الجزنائي لكيفية بناء السور أن المدينة كانت على شكل دائري وأن أبوابها قد تعددت حتى زادت عن السبعة. تزل إدريس وحاشيته في المكان الذي عرق فيما بعد بعدوة الأندلس بعد أن خصص مكان لإقامة المرضى شرقي المدينة حتى تساعد الرياح الغربية على أبعاد رائحتهم وحتى يكون تصرفهم من الماء بعد خروجه من المدينة فلا يصل ضررهم إلى سكانها وكما هي العادة المتبعة في بناء المدن الإسلامية الجديدة شرع إدريس في بناء مسجد الشرفا في عدوة الأندلسيين.
واتبع إدريس خطة حكيمة لتعمير عاصمته الجديدة ذلك انه نادى في الناس بان كل من بنى موضعا أو اغترسه قبل بناء السور فهو له هبة لله فتبارى الناس في ذلك فاكثروا من العمارة ونوعوا في الغرس حتى أصبحت المحاصيل وفيرة مختلفة رخيصة أسعارها مما ساعد على ازدياد عمرانها ما كان يقع في ذلك الوقت من حوادث في الأندلس أبان أمارة الحكم بن هشام مما ترتب عليه هجرة بعض الأندلسيين إلى فاس على اثر ثورة أهل الربض وما أنزله بهم من عقاب صارم.
خصص إدريس لهؤلاء المهاجرين حياً خاصا عرف فما بعد بعدوة الأندلسيين وهو إلى الشرق من المدينة واصبح ينزل فيه كل من ترك الأندلس كما نزل الوافدين عليه من القيروان بحي خاص بهم يعرف فيما بعد بعدوة القرويين فكان مدينة فاس عبارة عن حيين كل منهما بفريق خاص.
وكما هو الملاحظ في نشأة المدن الجديدة فان فاس سرعان ما ازدهرت وأصبحت محط رجال كثير من العلماء والفقهاء حتى ينالوا حظ التقرب من رجال هذه الدولة الجديدة فاشتهر اسمها في الآفاق وأصبحت مقصد مسلمي مراكش منذ نشأنها وعلى كل حال إليها يرجع الفضل في تخليد ذكرى دولة الأدارسة ولولاها ما انتبه إليهم المؤرخ.