للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مصر بين التكتل والحياد]

للأستاذ ثروت اباظة

(يا عم واحنا مالنا) تعبير يطلقه قوم منا، يحافظون على جهده وما سعهم الجهد، يكفي الفرد منهم أن يلقي إلى داره نظرة وإلى جيبه أخرى حتى إذا اطمئن إلى قوت يومه ورأى قوت الغد على بعد يحتاج منه إلى أيسر محاولة لوى عنه عنقه وأغمض عينيه وأطلق القولة المستكينة (يا عم واحنا ما لنا).

ونحن اليوم نتساءل أنشارك في المعترك الدولي ونصير دولة تؤيد وجودها بالعمل إلى جانب الأمم أم نقبع، في شمالنا الشرقي من أفريقيا ننظر، فإذا أعجبنا أمر استل كتابنا أقلامهم يمدحون، وإن غضبوا شحذوها ناقدين. نتساءل فيما لا تساؤل فيه إن كنا نريد العالم ليقول عن مصر إن شعارها الأوحد (يا عم واحنا ما لنا) فنوما، أو يقظة المتفرج لا يشارك بغير التصفيق أو السخط. . . وإن شئنا من العالم نظرة ترفعنا إلى مستوى الأمم العاملة في الحياة، المشاركة فيها بالسيف والثقافة، وإن شئنا أن نثبت للعالم أن جيوش الفراعنة ومحمد علي هي هي جيوش الفاروق، وأنها ليست - كما يظنون - جيوشا حسها من القتال السير في التوديع والاستقبال. . إن شئنا ذلك فلهم!

ويا أيها الشباب أني أعيذكم وأنتم بواكير الأمل أن تمدوا إلى الأماني أدرعا مسترخية لينة، فإنها - لا عفاها الله - قتالة الحسن، فتاكة الجمال، تبدو في الملاحة المشرقة وتقتل في السكرة المنتشية والإيناس البهيج، ها هي ذي تشير إلينا نحن الشباب أن نهب خلفها مرددين إن مصر قوية بجيوشها، عتيدة برجالها، جبارة بعتادها. . . كلام إن قلناه فارت منا الدماء وثارت فينا الوطنية بعاطفة حادة لا سبيل لنا عليها - حتى إذا أطلقنا فيها العقل وقيدن منها الثائر وجدنا قولنا قولا لا برهان وراءه، فإن أكبر الجيوش اليوم لا تستطيع مطلقا أن تعتمد على نفسها دون مؤازرة الغير.

إن ميزانية تركيا تقارب ميزانية مصر. وتركيا تنفق على جيشها نصف ميزانيتها، وهذه أكبر نسبة تنفقها دولة على جيشها، وقد استطاعت تركيا بذلك أن تكون جيشا يقف مع أكبر جيوش العالم على قدم، ومع ذلك فتركيا تعترف أن جيوشها لا تستطيع إلا أن توقف العدو حتى يدركها المدد. . . فهي في حاجة إلى مدد، وهي في حاجة إلى سند، وهي بذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>