للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعترف.

أيها السادة، قال القدماء: إن الإنسان لا يستطيع أن يخرج من ملك ربه، فإذا كان الإنسان هذا المخلوق الصغير لا يستطيع ذلك. فما ظنكم بالدولة؟ هل يمكنها أن تخرج من ملك ربها؟. . . إننا إذا أعلنا هذا الحياد كنا كمن رأى معركة ثائرة تتقاذف فيها الكراسي وتتطاير الأطباق وتتلاحق الهراوات، فجاء هو وجلس بين المتشاجرين، وصاح بأعلى صوته أنا لا شأن لي بعراككم فلا تصلوا إلي بأذى، ثم أغمض عينيه، وأقفل أذنيه، وأطبق شفتيه وأطمئن. هكذا يكون حيادنا. . حياد تحول بيننا وبينه طبيعة الأمور ومجريات السياسة الدولية.

حيادا نريد؟ فما هي الوسائل الواجب علينا لذلك؟ يجب علينا أن نعلن للدول الأخرى بموقفنا هذا، وأصبح لزاماً عليهم أن يخضعوا للقانون الدولي فلا يمدوا إلينا عدوانا. . ولكن إذا اعتدت علينا واحدة من الكتلتين. . . ماذا نفعل؟ نعلم أنه خرق للقوانين واعتداء على الحرمات الآمنة، وانحطاط في المعاملات الدولية. . نعلم ذلك ولكن ماذا نفعل؟. . نرد العدو ونذود عن الحياض، ونمنع الدمار. . ولكن. . وحدنا!! نستعين بالكتلة الأخرى. . لقد كنا محايدين. . سوف نقول لها دافعي عن الحرمات الدولية. . دافعي عن الشرف الحربي. . أدركي السلام العالمي بالحرب المدمرة. . قد تجيب هذه الكتلة وأن يكون الدافع لها واحدا من هذه الأسباب. . ستجيب ولكن لتقتضي الثمن. . الثمن الذي ما نزال نبذله حتى اليوم ولم نوفه. . حريتنا ثم حيادنا. . أي ثمن! تجربة عرفناها. . أنعيدها؟ الأمر لكم.

قد يرد على هذا بأن الأيام غير الأيام، وأن الذي حدث في الماضي لا يحدث اليوم، ولكن ألا ترون إلى موقفنا ونحن نلجأ إلى المدافع عنا كالطفل تمنع عن مساعدة صديقه حتى إذا تعثر صرخ إليه يستنجد فإذا أنجده فإنه لا يلبث ينفض عنه التراب ويسخر منه: (ألم أقل لك. . ألم أحذرك. . أنظر الآن ماذا فعلت بنفسك) كرامة مبذولة. . وخزي كبير!

قد تسارع الكتلة الأخرى إلى النجدة ولن تفعل إلا عن أنانية. . تسارع ولكن هذه المسارعة لن تكون مضمونة النتيجة؛ فهم لم يدرسوا في السلم وسائل الدفاع فرد العدو سيكون أمرا يقرب إلى الاستحالة وحجتهم في يدهم هكذا كان الأمر مع بلجيكا وهولندا.

أيها السادة. . أنحن الآن على حياد؟ أنشارك في كل هذه المؤتمرات ونقتبس من الغرب كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>