ويلتحق بزعمه الذي زعم لعرب الجاهلية من نهضة علمية سياسية اجتماعية الخ زعمه أن نشأة علوم العربية كالنحو والبلاغة والعروض قديمة، أي إنها نشأت قبل الإسلام لا بعده وهو يبنى هذا الزعم أيضاً على ما افترض من أن القرآن أثر جاهلي
وفي الحق أن جميع ما ارتأى وما افترض في كتابه هذا متصلاً بالقرآن لا يتسق ولا يستقيم في بحث باحث إلا على فرض أن القرآن من كلام عربي من العرب. وهو لم يصرح بهذا كما صرح بإنكار إعجاز القرآن من ناحية الأسلوب، إلا أن وصفه القرآن بكل ما لا يصدق إلا على نتاج البيئة دليل قاطع في الموضوع
اقرأ له زيادة على ما قدمنا قوله عن القرآن من صفحة ٤٥ (فلننظر إذن أهو كتاب طبيعي، أم هو كتاب مملوء بالزخرف والصنعة المحكمة) وقوله (فمن الواجب أن يترك الباحثون ذلك الميدان الذي أولعوا بالجري فيه وهو عصر الدولة العباسية، وأن يجعلوا ميدان النضال عصر النبوة نفسه، وأن يحدثونا ما هي الصلات الأدبية والاجتماعية التي وصلت إلى العرب من الخارج فأعطت نثرهم تلك القوة وذلك الزخرف اللذين نراهما مجسمين في القرآن. هنالك نعرف بالبحث أكان القرآن صورة عبقرية أم تقليدية). فهذا نص لا يقبل شكاً ولا يحمل تأويلاً في أن صاحب الكتاب يرى القرآن من كلام العرب تأثر بما تأثروا أو يصح أن يكونوا تأثروا به من صلات أدبية اجتماعية جاءتهم من الخارج، وأن ما امتلأ به في زعمه من (الزخرف والصنعة المحكمة) ليس طبيعياً كالذي تراه في الزهر والشجر والشفق والسماء، ولكنه مكتسب مجلوب من الخارج! ونسى أنه لم يقل بأن القرآن أثر جاهلي إلا لينفى عن العرب أن يكونوا (أخذوا طرائق النثر الفني عن الفرس واليونان)، فهو يسلبهم كل ما أعطاهم، بل يشكك حتى في عبقرية القرآن لو كان من صنع عربي ووضعه، كما ترى من قوله (هنالك نعرف بالبحث أكان القرآن صورة عبقرية أم تقليدية). والتقليد هنا ليس هو تقليد عربي لعربي، ولكن تقليد عربي لأعجمي، لأن الصلات الخارجية التي يتساءل عنها في النص السابق هي صلات بين العرب ومن حولهم من