طبع كتاب الأغاني بالمطبعة الأميرية في عشرين جزءاً تنتهي بأخبار عمارة بن عقيل الخطفي. ومنذ خمسين عاماً ظهر في عالم المطبوعات الجزء الحادي والعشرون من هذا الكتاب المستطاب. قام بنشره وطبعه المستشرق رودلف الأمريكي في مدينة ليدن سنة ١٨٨٨، وحدث في سنة ١٩٢٦ أن أديباً فاضلاً ونبيلاً من النبلاء رغب إلى دار الكتب المصرية في أن تقوم بطبع الأغاني على نفقته، فلما همت بتنفيذ هذه الرغبة النافعة لم تعترف بالجزء الزائد على العشرين للأسباب الآتية:
١ - أنه لم يصدره ناشره بمقدمة يبين فيها أصل النسخة التي نشره عنها ولا في أي المكتبات عثر على هذه الزيادة
٢ - أن أسلوبه ضعيف لا يشبه أسلوب أبي الفرج في العشرين جزءاً المتقدمة
٣ - أنه يشرح في كثير من الأحيان الألفاظ الغريبة التي ترد في أبيات الشعر، وهي طريقة غير معهودة في الكتاب. فالجزء الأول مثلاً على كثرة ما فيه من الألفاظ الغريبة لم يشرح منها إلا القليل النادر، وقد لا يعدو ما شرح في هذا الجزء من هذا القبيل أربع أو خمس كلمات
٤ - أنه في هذا الجزء يشرح أحياناً المعاني التركيبية لبعض الأبيات، ولم نعهد مثل ذلك في الأجزاء الماضية
٥ - أنه يكتب كثيراً كلمة - صوت - على شعر لم يغن فيه، وطريقة الكتاب إلا تكتب هذه الكلمة إلا على الشعر الذي يتحدث بعدُ أنه وقع فيه غناء. . . الخ
ونحن نسلم بأن (رودلف) قد قصر في أنه لم يصدره بمقدمة وأنه لم يذكر في أي المكتبات عثر على هذا الجزء. . . الخ، ولكن هذا لا يكون حجة في أنه ليس من الكتاب إذ كل هذه الاعتبارات إنما هي مجرد ملاحظات غير محدودة، ولا تنهض دليلاً على أن الجزء ليس من الكتاب، ومن المحتمل أن يكون لكتاب الأغاني بقية لم تظهر بعد، أو تناولتها أيدي الضياع. وهاهو ذا ياقوت يتحدث إلينا في كتابه معجم الأدباء عن الأغاني ويؤيد قولنا هذا حيث يقول: (وقد تأملت هذا الكتاب وعنيت به، وطالعته مراراً، وكتبت منه نسخة بخطي