للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في معرض الآراء]

للأستاذ عباس محمود العقاد

مرت بنا في هذه الأيام آراء كثيرة حول الكتابة والكتاب وحول التأليف والمؤلفين، منه ما يفيد للمناقشة فيه والرد عليه، ومنه ما يفيد للدلالة على بعض الإفهام والأذواق. وفيما يلي طائفة من هذه الآراء، على سبيل التمثيل لا على سبيل الحضر والاستقصاء

من ذلك قول الأديب الحجازي الأستاذ عبد القدوس الأنصاري إنني أستدل على حماقة بثينة بحديثها مع عبد الملك بن مروان حين قال لها: ما الذي رأى فيك جميل؟ فقالت الذي رأى فيك الناس حين استخلفوك!

ويقول الأديب: (والذي يلوح لي أن إجابة بثينة لا تنبئ عن حمق، بل هي تشف عن حصافة رأى ورجاحة عقل. . . فعبد الملك إنما سألها بما سأل مبكتاً غاضاً من جمالها وقادحاً في جميل. . . إلى آخر ما قال

وخطأ الأديب في هذه الملاحظة راجع إلى نسيانه أول الحديث الذي تناقلته كتب الأدب ونقلناه فقلنا: إنها دخلت على عبد الملك بن مروان (فرأى امرأة خلقاء - أي حمقاء - مولية)

فقولنا إنها لم تخل من حماقة منظور فيه إلى هذه الرواية المتناقلة لا إلى السؤال أو الجواب بينها وبين عبد الملك، وقد يكون في جوابها قصاص سريع من عبد الملك، ولكن الأجوبة المسكتة كثيراً ما صدرت من الحمق والمجانين

قم قال الأديب عبد القدوس يشير إلى كلامنا في رسالة جميل بثينة: (يقرر الأستاذ خطأ مدرسة الاستحسان التي تقرر بأن من وصف محبوبه بأنه كالشمس أغزل ممن شبهه بالبر أو كوكب من الكواكب. . . بيد أنه خرج من ذلك في الصفحة ٧٨ إلى أن قول جميل:

رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح

ينأى به عن اتباع المذهب الاستحساني في تغزله. والذي يبدو لي في هذا القول أنه ليس فيه ما يجافي جميلاً عن المذهب المذكور)

وخطأ الأديب في هذه الملاحظة راجع أيضاً إلى نسيانه المدرسة الغزلية الأخرى التي تكلمنا عنها وهي مدرسة الرقة في خطاب المحبوب أو في التحدث عنه. وقد نسي أيضاً أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>