[رسالة الشعر]
قصة شريد
(إلى التي نسجت يد الأقدار من حياتها وحياتي قصة هذا
الشريد!)
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
كان شريد سائراً في فلاه ... مضيع الصفو، شريد الأمان
يبكي، فتبكي في يديه الحياة ... مما يلاقيه، ويبكي الزمان
يمشي على الرمل رماه الهجير ... بناره حتى ترامى لظاه!
حيران قد أضناه طول المسير ... ويشتكي لكن تضيع الشكاه!
ولم يكن يدري لماذا يسير؟ ... ولا إلى أين ستمضي خطاه!
في الليل، والليل رهيب الظلام ... تراه يسري وحده مجهدا
كأنه روح ثوى في حطام ... أطلقه من قبضتيه الردى
وحين تعوي الريح مثل الذئاب ... ويستبد البرد بالبائسين
تراه يجري هائماُ في الشعاب ... يبحث عن مأوى قوي أمين
وأين؟ لا مأوى يقيه العذاب ... قد حرم المأوى على الشاردين!
سأمان يبكي ضارعا للملال ... ويشتكي للوحشة القاحله
ظمآن يسقيه سراب الرمال ... نار الأسى والحسرة القاتله
كم صاح بالأقدار في محنته: ... هلا رحمت البائس الشاردا؟
فأعقبته من صدى صيحته ... صمتاُ عميقاً ساخراً خالدا
وما على الأقدار من شقوته ... وليس إلا في الورى واحدا؟
وحين ألقى عبئه واستراح ... أو هكذا كان يريد الشريد
صاح به صوت عيي الصياح ... يوشك أن ينقد منه الحديد:
قم أيها العبد الذليل المهين ... وسر على الصحراء سير الأسير!
ولا تسل عن غاية السائرين ... فإنها سر طواه الضمير!