(الذي نقله إلى العربية الأستاذ محمد عادل زعيتر سنة
١٣٦٤هـ سنة ١٩٤٥م، والتزمت طبعه ونشره دار إحياء
الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي وشركاه)
ظهر هذا الكتاب، والشبيبة العربية حائرة، لضعف في إيمانها، وعوج في تربيتها، ووهن في ثقافتها، وعجمة في لغتها، ويأس من أمتها، وخجل من ماضيها، وغموض في حاضرها، وخوف من مستقبلها. أجل ظهر هذا الكتاب النفيس ليقول - بلسان الأجنبي - لضعيف الإيمان هذا هو الصخر من عظمة الأجداد فابن عليه إيمانك الوطني الضاوي الهزيل. ويقول للبائس! من كان لأمته مثل هذا الماضي المشرق اللامع لا يمكن أن يتسرب اليأس في قلبه، إلا إذا كانت قد حقت عليه اللعنة، ويقول للخجل من أمته الذي لا يحدثك إلا وهو يخلط العربية بألفاظ من لغات متعددة، إنك من شعب لم تعرف البشرية أنبل منه ولا أشرف! وليقول للوجل من الحاضر الخائف من المستقبل (إن الخوف هو لعنة الحياة! وإن الشك في الانتصار هو الهزيمة العابسة النكراء!). . .
هذا السفر الضخم الذي يقع هو ومقدماته، وفهرساه، وثبت مصادره وتصحيح لتطبيعاته - وهي قليلة - في ستمائة وخمسة وسبعين صفحة من القطع الكبير، يسحرك ويستهويك فتمضي في مطالعته لا تشعر بسآمة ولا ملل، لا تحس إلا وقد قرأت آخر حرف فيه، ولكم تتمنى وأنت تطالع الكتاب، لو كانت أعصابك تسمح لك بقراءته في جلسة مهما تطل.
حقا إنك لا تشعر إلا وقد اتجهت أفكارك إلى الدكتور جوستاف لوبون تحييه تحية المعجب بصدقه، الممتن لإخلاصه وإنصافه. لأنك تجد في الكتاب كل ما تريد أن تقول في مثل هذه الأيام العابسة السود. فإذا اتهم قومك بالوحشية والتبربر، وإذا أنكر فضل أمتك منكر، وإذا قيل لك إنك من أمة ليس لها في المدنية والعلم من أثر، جاء الدكتور غوستاف لوبون بكتابه