التاريخ لجامعة سواه: أتم ألف عام من عمره المبارك في اليوم
السابع من هذا الشهر الكريم (رمضان سنة ١٣٦١هـ)، وقد
أثارت هذا الذكرى في نفس الكاتب ألواناً من المعاني رأى أن
يسجل بعضها في هذا الكتاب ويجعله تحية العيد)
أيها الشيخ الوقور:
يرفع هذا الكتاب إلى مقامك العظيم - في أدب واحترام، وإكبار وإجلال - واحد من أبنائك أنعم الله عليه وأنعمت عليه، إذ بسطت له جناحك غلاماً، وتعهدته برعايتك ناشئاً، ومددت له من ظلالك كهلاً، فأنت مولاه ذو الطول عليه، وهو غرسك وسقيك وثمرتك. يحبك ويحسب لفرط حبه أنه أبر الناس بك، وأوفاهم لعهدك، ويغار عليك فيحمل نفسه ما حملته وما لم تحمله من أعبائك، ويرى حقاً عليه أن يشاطرك - بروحه وقلبه وقلمه - أفراحك وأحزانك، فيشيد بأيامك، ويرثي لآلامك، ويكافح عنك، ويسهر الليالي ضنياً بك، مفكراً فيك، يود لو يمتد به العمر حتى يراك وقد عاد لك سابق مجدك، واجتمع إليك ما تفرق من أمرك!
واليوم، وهذه ذكرى من ذكرياتك المجيدة، يقف هذا الابن البار بين يديك خاشعاً مطرقاً، يفضي حياء من مهابتك، وينحني إجلالاً لماضيك، ويزجي إليك التهنئة فخوراً بك، ويحي فيك مهد العلم، ومهبط الحكمة، ومنبت الأدب، وحصن الدين واللغة، ومطلع الكواكب اللامعة من سماء مصر ينبعث بها النور في الشرق والغرب يفيد منه أصدقاؤك وأعداؤك، ويهتدي به من آمن بك ومن صد عنك!
هذا عيدك الألفي الفريد، ذكرى لم تعرف مثلها الدنيا، ولم يشهد مثلها الناس: ألف عام تقف من البشرية الحيرى موقف الرسل الهداة، تحمل على الجهل وتبدد ظلامه، وتنصر العلم