قرأت في العدد ٩٩ من (الرسالة الغراء) مقال الأستاذ المغربي (بين الفقه الإسلامي والروماني) فرأيته تلطف في الرد على الخواجه ميشيل عند قوله:
(إن أبا حنيفة لم يعترف إلا بسبعة عشر حديثاً) وهي غلطة ظاهرة لا يسوغ لأحد أن يغتر بها، لأن روايات أبي حنيفة على تشدده في شروط الصحة لم تكن سبعة عشر حديثاً فحسب بل أحاديثه في سبعة عشر جزءاً يسمى كل منها بمسند أبي حنيفة، وقد خرجها جماعة من الحفاظ بأسانيدهم إلى الإمام ما بين مقل منهم ومكثر حسبما بلغ إليهم من الأحاديث التي يرويها، وليس بين تلك الأجزاء جزء أصغر من سنن الإمام الشافعي رواية الطحاوي ولا من مسند الشافعي رواية أبي العباس الأصم اللذين عليهما مدار أحاديث الإمام الشافعي. وقد عنى أهل العلم بتلك المسانيد جمعاً وتلخيصاً وتخريجاً وقراءة وسماعاً ورواية؛ فهذا الشيخ محدث الديار المصرية الحافظ محمد بن يوسف الصالحي صاحب الكتب الجليلة في السير وغيرها يروي تلك المسانيد السبعة عشر عن مشايخه ما بين قراءة وسماع ومشافهة وكتابة بأسانيدهم إلى مخرجيها، وذلك في كتابه (عقد الجمان). وكذا يرويها بطرق كثيرة محدث الديار الشامية الحافظ شمس الدين بن طولون في (الفهرست الأوسط) عن شيوخه سماعاً وقراءة ومشافهة وكتابة بأسانيدهم كذلك إلى مخرجيها، وذانك الحافظان هما زينا القطرين في القرن العاشر الهجري، وكذلك حملة الرواية إلى قرننا هذا ممن لهم عناية بالسنة. وما تلك المسانيد والكتب ببعيدة عن متناول أهل العلم، بل بعضها مطبوع في الهند. . . إلى غير ذلك مما تراه مفصلاً في (شروط الأئمة الخمسة للحازمي المطبوع سنة ١٣٤٦)