[أوهام في الزيتون]
للآنسة الفاضلة فدوى عبد الفتاح طوقان
(في السفح الغربي من جبل (جرزيم) حيث تملأ مغارس الزيتون القلوب والعيون، هناك، ألفت القعود في أصيل كل يوم عند زيتونة مباركة، تحنو على نفسي ظلالها، وتمسح على رأسي عذبات أغصانها؛ وطالما خيل إلي أنها تبادلني الألفة والمحبة، فتحسن بإحساني، وتشعر بشعوري.
وفي ظلال هذه الزيتونة الشاعرة كم حلمت أحلاماً ووهمت أوهاماً).
هنا، هنا، في ظل زيتزنتي ... تحطم الروحُ قيودَ الثرى
وتخلد النفس إلى عزلة ... يخنق فيها الصمتُ لغوَ الورى
هنا، هنا، في ظل زيتونتي ... في عدوة الوادي، بسفح الجبل
أصغي إلى الكون ولما تزل ... آياته تروي حديثَ الأزل
هنا يهيم القلب في عالم ... تخلقه أحلاميَ المبهمة
لأفقه في ناظري روعة ... وللرؤى في مسمعي هيمنة
عالم أشواق سماويى ... تطلق روحي في الرحاب الفساح
خفيفةً، لا الأرض تثنى لها ... خطواً، ولا الجسم يهيض الجناح
واهاً! هنا يهفو على مجلسي ... من عالم الأشواق روح حبيب
لم تره عيناي، لكنه ... في خاطري، يا للبعيد القريب
أكاد بالوهم أراه معي ... يغمر قلبي بالحنان الدفيق
يمضي به نحو سماء الهوى ... على جناح من شعاع طليق
زيتونتي، لله كم هاجس ... أوحت به أشواقي الحائرة. . .
وكم خيالات وعى خاطري ... تدري بها أغصانك الشاعره!
نجيتي أنت وقد عزَّني ... نجيُّ روحي يا عروس الجبل
دعي فؤادي يشتكي بثَّه ... لعل في النجوى شفاءً، لعل
يا ليت شعري إن مضت بي غداً ... عنك يدُ الموت إلى حفرتي
تراك تنسين مقامي هنا ... وأنت تحنين على مهجتي؟