(مهداة إلى يهود القرن العشرين الذين يريدون دخول فلسطين
بالقوة بمناسبة وعد بلفور).
أشرت في عدد سابق من الرسالة إلى بعض مواقف بني إسرائيل مع نبيهم القوي الأمين موسى بن عمران، وعطفت بإشارة أخرى إلى بعض مواقف أجدادنا العرب في نصرة دينهم، وميلت بين الشعبين ووزنت أقدار أولئك بأقدار هؤلاء فشالت كفت الإسرائيلين وخفت موازينهم.
واليوم أهدي إليهم قصة آباهم مفصلة بعض التفصيل، ولست أتجنى عليهم ولا أتزيد فإن الحقائق نفسها أعجب من سبحات الخيال. وسأكتفي - ما استطعت - بما جاء في كتاب الله الحكيم الذي جاء مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه.
ولقد عني القران بأخبار الأمم السابقة لمكان العبرة فيها وموضع العظة (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب، ما كان حديثاً يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) ولكنه عنى عناية خاصة بأعاجيب بنى إسرائيل ليهون على النبي صلى الله عليه وسلم ما يلقاه من يهود المدينة فهم - كآبائهم - أهل غدر وخيانة، وطالما نكثوا عهودهم (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون) وليهددهم إذا استمرأوا هذا المرعى الوبئ واستعذبوا هذا الورد الآسن من الغدر والكيد والخيانة بأن مصيرهم كمصائر آبائهم، كما حذر الله النبي والمؤمنين منهم (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) ولقد صدق الله فبأيديهم فتح باب الشر على المسلمين. فتحه عبد الله بن سبأ فنقذ منه الناس إلى قتل عثمان بن عفان رضى الله عنه، ومنذ ذلك الحين ومعاول الفتن تهدم في دعائم السياسة الإسلامية، وبسوء دخائلهم اختلطت الخرافات والأساطير بالتراث الإسلامي فكدرت منهله الصافي، وغبرت منهاجه