للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الواضح، ونالت من حقائقه السامية. واليوم يتجلى لنا مصداق هذه الآية، فنراهم مصدر قلاقل للعرب عامة وللمسلمين خاصة وإنا لعلى يقين أنه سيصدق فيهم قول الله عز وجل (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب).

والعجب - بل ليس بعجيب لان الأمم بأخلاقها - أن بني إسرائيل أعيوا جميع أنبيائهم، حتى بلغ من كفرهم أن قتلوا بعضهم (ويقتلون النبيين بغير الحق). شكا منهم موسى (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) وشكا منهم هرون (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني). وشكا منهم داود وزكريا ويحيى؛ وأخيراً يسميهم الله بهاتين الآيتين ويصمهم بهما (لعن اللذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم، وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوا، لبئس ما كانوا يفعلون) ثم كانوا شوكة في جنب الدعوة الإسلامية، فحاولوا أن يطفوا نور الله بأفواههم، ولكن الله الذي يعلم خبث نفوسهم عاجلهم بالعقوبة (هو الذي اخرج اللذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتهم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف من قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين).

نزل يعقوب وهو إسرائيل مصر في زمن ابنه يوسف عليه السلام وأعقب بنين أثنى عشر كانوا فيما بعد فرقاً سماهم القران أسباطاً وتكرر ذكرهم فيه، وظلوا ينعمون بخيرات مصر وأرزاقها زمناً طويلاً حتى جاء (رعمسيس الثاني) فاضطهدهم وعاداهم عداء شديداً وجعل يقتل أبنائهم، وأراد الله أن يسبغ عليهم نعمه فنجاهم واهلك عدوهم و (دللهم وأعطاهم حكم الصبي على أهله فأتاهم بالعجائب وفعل بالأمم الظالمة لهم الأفاعيل، واحتمل صلفهم وطغيانهم ولم يترك وسيلة من وسائل استرضائهم إلا فعلها وهم لا يزيدون إلا عناداً ومخالفة عن أمره). جاء موسى إلى فرعون يدعوه إلى الله وحده لا شريك له ويستوهبه بنى إسرائيل، ولكنه طغى واستكبر وقال أنا ربكم الأعلى، فأوحى الله إلى موسى أن أسر بعبادي فرأوا فرعون يتبعهم، فالقوا إنا لمدركون. وقال كلا إن معي ربي سيهدين. وفرق بينهم البحر الأحمر وعبروا فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء

<<  <  ج:
ص:  >  >>