كانت فاجرة لأنها ادعت ابنها الوليد لغير أبيه، وهي تعلم أنه لأبيه. وكان الرجل المتهم في عرضه، المقدوح في طهارته، رجلاً من ذوي الثراء، جمع من المال ما جمع في أيام صباه، من أعمال واسعة النطاق، وأشغال استغرقت كل زمانه فألهته عن ملذات الجسم ومتع الشباب. وبلغته الشيخوخة على حين غفلة، فأراد أن يدرك الفائت، وأن يلحق بالهارب، وأن يذكر نفسه، ويسترجع حسه، ويستجمع بقايا شبابه، فطلب الأنثى الشابة، فجاءته إناث كثيرات، فعلم أنهن لم يردنه، وإنما أردن ماله، وكان كلما أنس من بعضهن إلى الجناب الرفيق والصدر الحنون، وكان يهم بالخِطبة، هتف في نفسه الهاتف يقول: جناب عن قريب ينبو، وصدر لا يلبث أن يخون. وظل على هذه الحال زماناً، يحدوه أمله، وترده سنّه، وقام ثراؤه يتهم كل امرأة ولو أخلصته النية، ورضيت صادقة برعايته وحضانته وبتمريضه بكل ما فيها من أنوثة.
وفي أثناء ذلك اتصل بأحد المقربين إليه من مستخدميه، فشكا له الوحدة عرضاً، فذهب هذا المقرب إلى زوجته تلك الليلة يذكر لها الشكوى. وفي الصباح أتت الثري من الزوجة دعوةٌ على طعام، وتلت تلك الدعوة دعوات، في حضرة الزوج، وفي غير حضرة الزوج، وكثيراً ما حضرها الشباب من الصحاب، فامتلأت البطون، واحتر الدم بالرقص والشراب، وكثيراً ما نسى الشيخ وقاره في تلك الأجواء الزائطة، فنال من الزوجة المضيافة القبلة بعد القبلة، فأعطت عن سخاء، على أعين ضيوف اليوم الفرحين، وشهود الغد المحرجين.
فلما ولد المولود، وهم الشيخ بالتبريك، جاءه رسول القضاة يعلن اتهامه. وانعقدت المحكمة، وجاءها الشهود كأنما كانوا على موعد، فأثبتوا روحاته وجيئاته، وأثبتوا اختلاءه، وأثبت الزوج تغيبه ولم يبق على استقلال الطفل بكل تلك الثروة الواسعة من بعد أبيه إلا حكم المحكمة.
وفي اللحظة الأخيرة طلب الدفاع بحدة العلم، والالتجاء إلى المعمل عسى أن تكون عنده الشهادة التي لا تُرد، وفي الغد أو الذي يليه احتكموا عند أحد الأخصائيين المحلفين إلى