للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حكمة غاندي]

وضع أحد كتاب اليونان الشباب ترجمة للمهاتما غاندي أسماها (الحياة المقدسة) ونحن نقتبس منها حديثاً لغاندي يقارن فيه بين عصر الآلة وبين الحياة في عصر الصناعة اليدوية التي يحدثنا عنها في تأثر وحنين:

كانت حياتنا في الأزمنة الخالية، قبل أن يحل بيننا هذا الوحش وأعنى به الآلة، حياة إنسانية جميلة. فقد كان عندنا متسع من الوقت للتفكير والخلو إلى النفس في المعابد صباحاً، وتحت ظلال الأشجار في هجيرة الظهر، وفي أفنية المنازل مساء، حتى في أوقات العمل ونحن جلوس إلى المناسج أو قائمون في المزارع نفلح الأرض، نجد الوقت للإنشاء وللتوجه بأرواحنا إلى ملكوت الجمال والحق،

أما أخواتنا فأنهن قبل الشروع في أعمالهن في الحقول، يضفرن أكاليل الزهر ويعلقنها على قرون البقر، فلم يكن للزمن عندنا في يوم من الأيام من المعنى ماله اليوم عند الأوروبيين. ولم يعلمنا واحد من حكمائنا هذا المبدأ المنكر (الوقت من ذهب) فلم نكن من الهيام بالذهب بحيث نضحي كل وقتنا من أجله. لأن العمل في اعتقادنا هو خلق الجمال والتوجه بأرواحنا إلى الله.

وأني لأذكر أن أبوي في صغري أخذاني معهما لأشهد كيف يكون بدء اشتغال الفتى بصناعة أبيه. فقد كان الفتى أول الأمر يمضي للاغتسال في النهر ليكون لجسمه طهارة نفسه. ثم تأخذه أمه إلى المعبد. ويكون أبوه وشيوخ القرية في انتظاره حول النار المقدسة وعند ذاك يسأله أبوه:

- أتريد استئناف صناعتي؟ أتريد أنت أيضا أن تصبح حداداً؟

- نعم يا أبت.

ثم يقسم اليمين المفروضة:

(أقسم بالنار وبأجدادي، وبالله الحي القيوم، أني راغب في أن أكون حداداً، وأني راغب في خلق الجمال والمنفعة للناس) وإذ ذاك يقدم له أبوه (أخوته الصغار) ويعني بها الأدوات، لأنها له بمثابة الخلان الأوفياء في حياته العاملة الكادحة.

ويتناول الفتى محراك الجمر والمطرقة والكير والميدع من أدم وأنه يتناولها بحنان كأنها أحياء، ويقول مجدداً بيمينه:

<<  <  ج:
ص:  >  >>