أخرج الساعة من جيبه، ونظر إليها للمرة العشرين في مدة لا تتجاوز بضع دقائق، ثم أعادها إلى جيبه وأوثق عرى سترته بأنامل تدل حركاتها على الغضب. ثم مشى في الطريق الحالي المؤدي إلى البراح الريفي، وقال في نفسه وهو حانق:
(إن هذا لا يطاق! إنها وعدت بالمجيء في الساعة الحادية عشرة والنصف، والآن مضت سبع دقائق بعد الثانية عشرة ولم يبد منها أثر!)
ثم دار بلحظه في الفضاء، وكانت الريح تعصف باردة، فالتف بمعطفه وقال:(إذا لم تأت بعد خمس دقائق فإني سأعود)
ونظر في ساعته فوجد عقربها لم يتقدم غير دقيقتين، فقال: ها قد مضت أربعون دقيقة ولم تأت لوسي)
وترك الساعة في يده وأخذ يمشي ذهاباً وجيئة، وهو يخال أن دقات الساعة ضحكات سخرية واستهزاء به؛ ثم مضت المدة التي عينها للانتظار، فوضع الساعة في جيبه وعقد عرى المعطف وأصر على أن يعود، فسمع صوت طائر يغني فقال:(أزعجتني بصوتك يا طائر الجحيم)
ثم مشى مغضباً إلى منزله.
بعد يومين من هذا المساء تلقى هذا الخطاب:
(عزيزي هيوبرت. لا بد أن يكون عذرك قوياً في إخلاف موعدي مساء الثلاثاء. ولكن بما أنك وجدتني لا أستحق أن تكتب إليَّ على أثر ذلك فإني أبعث إليك بهذه طالبة إليك أن توضح لي أسباب غيابك وعدم كتابتك مشفوعة بالاعتذار. وإلا فإني أعتبر خطبتنا مفسوخة وأنا أعني ذلك وأصر عليه)