قال الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار: ولكن متى علمنا أن عبد اللطيف البغدادي الذي كان قبل أبي الفرج بزمن قليل قد ذكر أن عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية كانت التبعة عليه دون أبي الفرج لاحتمال أن يكون أبو الفرج قد أخذ هذه المقالة عن عبد اللطيف البغدادي الذي رمى بهذه الجملة بغير سلطان أتاه. ولم يقل لنا من أي تاريخ أخذ ولا من أي مصدر استقى. والظاهر أنه حين علم بأنه كان في هذا الكان مكتبة عفى الزمان على أثرها، افترض أن الذي دمرها إنما هو عمرو بن العاص، وربما شجعه على ذلك أقوال العامة أو نحو ذلك فظن الأمر حقيقة واقعة. . .
وقال الدكتور (غوستاف ليبون) نقلا عن (لودفيك لالان) الذي ناقش مسألة إحراق مكتبة الإسكندرية مناقشة علمية مختصرة: إن أول مؤلف ذكر حريق العرب لهذه المكتبة هو عبد اللطيف الطبيب العربي البغدادي الذي توفي سنة١٢٣١ م أي بعد ٥٩١ سنة من وقوع تلك الحادثة. أما من خصوص حريق مكتبة الإسكندرية المزعوم فإنه همجية وعداوة للمدنية، منافية لأخلاق العرب على خط مستقيم، حتى إنه يمكن أن يسأل الإنسان نفسه كيف أن قصة كهذه قبلها منذ زمن طويل كثيرون ممن يعتد بعلمهم؟ وقد كذب العلماء هذه القصة في زمننا مرات كثيرة فلا نرى حاجة في العودة إلى تكذيبها، ولا أسهل من الاستشهاد على ذلك بإيراد أقوال كثيرة جلية تثبت أن المسيحيين كانوا أعدموا الكتب الوثنية التي بالإسكندرية، قبل العرب بزمن طويل وكسروا كل التماثيل أيضاً. ويفهم من ذلك أنه لم يكن بالإسكندرية بعد ما يحرق.
وأما أبو الفرج الملطي فقد نقل روايته عن جمال الدين القفطي وكان قد توفى قبله بنحو أربعين سنة تقريباً في حلب أي عام ٦٤٦ هـ وقد ذكرها هذا في نسخة خطية في دار