[البريد الأدبي]
حنين الزوج - من قصص جحا
(للأستاذ كامل كيلاني)
صفحة مختارة من المخطوط الجحوي النفيس الذي عثرت عليه ولعله مكتوب بخط صاحبه أو أحد معاصريه
قال: (أبو الغصن عبد الله دجين بن ثابت) الملقب (بجحا):
(لم يلبث الظلام أن خيم على المدينة وساكنيها، وأطفأت الأنوار، وسكنت الجلبة والضوضاء، وساد الصمت، وتلألأت النجوم في السماء، ورددت الكلاب نباحها كلما طرق آذانها صوت، أو أحست نأمة أو شعرت بقادم
أما بيت (أبي الغصن جحا)، فقد أوحش (أي: خلا من ساكنه)، فجلست (ربابة) زوجه، أمام مغزلها - بعد أن نام ولداها وجارتها - تفكر في ذلك الغائب الذي كان يملأ بيتها بهجة وسعادة. وظلت تغزل وهي تسلي نفسها بالأنشودة القديمة التالية:
يا طير، يا أشجار، يا روضة ... فيها من الفردوس أزهارُ
يا خيط، يا إبرة، يا مِغزَلي، ... يا نجم، يا كوكب، يا دار
يا نحل: طني واملئي مِسمعي، ... وحدثي قلبي (متى ساروا؟)
سافر ربُّ الدار عن داره، ... وقد خلت من أُنسه الدار
عناية الله، وتوفيقه ... ولطفه، صحب وسمار
والشمس والبدر ونجم السما ... تحوطه منهن أنوار
يا نحل طني واملئي مسمعي ... وحدثي قلبي: متى ساروا؟
سافَر رب الدار عن داره ... وأوحشت من بعده الدار
يا ورد، يا ريحان، يا نرجساً ... يحفه نور وأنوار
يا ملء داري وفؤادي معاً ... قد فرقتنا عنك أقدار
يا نحل طني واملئي مسمعي ... وحدثي قلبي متى ساروا؟
سافر رب الدار عن داره ... وأظلمت من بعده الدار
عاد فراغا كل شئ هنأ ... منذ ترامت بك أسفار