للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

البلاغة العربية في دور نشأتها

تأليف الدكتور سيد نوفل

بقلم الأستاذ علي العماري

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

٢ - ولو أن هذه الروح جاهلية لوجدنا أثرها في عصر البعثة. يوم تحدى القرآن العرب وأفحمهم إفحاماً، فقد لجئوا إلى الطعن عليه طعناً عاماً؛ فقالوا سحر مفترى، وقالوا أساطير الأولين، ولو أن لديهم تلك الروح البيانية لكان من المنتظر أن ينقدوا القرآن على نحوها، وأن يفزعوا إليها في تلك الخصومة العنيفة التي ظلت نيفاً وعشرين سنة، هذا إلى أن تلك الروح للنقد لا أثر لها في العصر الإسلامي، لا عند الأدباء ولا عند متقدمي النحاة واللغويين.

٣ - على أن من نحاة القرن الرابع من لم يطمئن إلى ما سبق، أبو الفتح بن جني يحكى عن أبي الفارس أنه طعن في صحة هذه الحكاية. هذه الزيادات لا تثبت للروح العلمية، ولا للتاريخ. وبعيد كل البعد أن توجد ملكة الفكر في النقد الجاهلي، وأن توجد على هذا النحو الدقيق، الذي يحلل ويوازن ويفرق بين الصيغ تفريقاً علمياً.

٤ - وردت القصة في الجزء الثاني من نقائض جرير والفرزدق، وليس فيها إشارة إلى شئ من ذكر النابغة أو النقد الذي قيل في عكاظ.

وهكذا يسوق صاحب تاريخ النقد عند العرب الأدلة التي لا تدع مجالاً للاطمئنان إلى صحة هذه القصة، ولكن المؤلف يكتفي بقوله أنها تلائم طبيعة الحياة الفنية، ويرى ذلك داعياً إلى الاطمئنان إليها، أما ما هي الحياة الفنية في ذلك العصر، وكيف تلائمها هذه القصة، فلا خبر، ولا أثر؟

٢ - ذكر مذهب الجاحظ في إعجاز القرآن، فقال أنه في نظم القرآن، ولكن الله صرف العرب في الوقت نفسه عن محاولة محاكاته خشية الفتنة. ومر سريعاً، واكتفى بنقل أثبته من كتاب الحيوان والمؤلف في نشأة البلاغة في حاجة شديدة إلى أن يتحدث عن مذهب

<<  <  ج:
ص:  >  >>