للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النساء في القرآن الكريم]

لصاحب الفضيلة الأستاذ محمود شلتوت

كثر كلام الناس قديماً وحديثاً حول منزلة النساء في الإسلام، فمنهم من زعم جهلاً أو تجاهلاً أن الإسلام اهتضم حقوقهن، وانتقص مكانتهن، وأخذ يغري المرأة بالثورة على الإسلام بحسب ما صور لهم من تعاليم نسبها إليه وأقنعها بأنها السبيل الذي رسمه لها، والواقع أن الإسلام منح النساء كل خير وصانهن عن كل شر، ولم يأب عليهن سوى ما دفعتهن إليه هذه المدنية الكاذبة من (حرية) جعلت الغربية من النساء إذا ما خلت إلى ضميرها الإنساني تبكي دماً على الكرامة المفقودة، والعرض المبتذل، والسعادة الضائعة. وسيعلم النساء متى ثبن إلى رشدهن أن لا منفذ لهن، ولا حافظ لكرامتهن وحقوقهن سوى هذه التعاليم الإلهية التي يحاول المغرضون والمخادعون لهن أن يصوروها في أعينهن بصورة الأغلال التي تطوق الأعناق وتحول بينهن وبين ما لهن من حق في الحياة.

وأرجو أن أقدم للنساء عامة وللمسلمات خاصة تحت هذا العنوان، وعلى صفحات الرسالة الغراء، خطوط هذه الجولات الواسعة التي رسمها القرآن الكريم في سبيل الإرشاد إلى حقوقهن، وبيان أحكامهن ومنزلتهن في حياة الأسر التي تعتبر بحق اللبنات الأولى في بناء الأمم، والتي تخلع على الأمة مالها من كيان قوي أو ضعيف.

والقرآن هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، والحكم الأعلى الذي يحكم على غيره ولا يحكم الغير عليه.

قرأت القرآن وتتبعت أبرز مواقفه في جانب النساء، فوجدته خير ما يصور للناس عناية الإسلام بالنساء، وحظوتهن في تشريعه، وليس بعد كلام الله كلام، ولا بعد تشريعه تشريع.

عرض القرآن للنساء في أكثر من عشر سور، وكلها من المدني الذي كان شأنه وقت التنزيل فرض الحقوق، وبيان الواجبات، وتنظيم الشئون، والإرشاد إلى ما ينبغي من شئون الأسر، وشئون الأمم.

عرض لهن في سورة البقرة في ربعين عظيمين هما (يسألونك عن الخمر والميسر)، (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة).

بين فيها حكم تزوج المسلمة للمشرك الذي لا يؤمن بكتاب ولا رسول، وأبطل بعض

<<  <  ج:
ص:  >  >>