للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وكان صباح]

للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

جاء يوم العيد، وطلع نهاره، وارتفعت شمسه، وأنا لا أرى أحداً يدخل عليّ فيقرئني السلام ويحييني تحية الصباح، ويهنئني بهذا العيد الجديد، ويتمنى لي كثيراً من أمثاله، وأمثال أمثاله إن شاء الله. شيء بارد!! أين هذه الزوجة التي كنت أظنها صالحة، والأولاد الذين كنت أرجو أن يكونوا بررة؟؟

وأنا يحلو لي الحديث على الريّق، بين نوبات التثاؤب والتمطي تحت اللحاف أو الملاءة، ولا أذكر أني عدمت قط من يحدثني في صباح - حتى قبل أن أستيقظ! - يدخل عليّ أحد الصغيرين اللعينين فأسمع صوتاً ناعماً يناديني: (بابا. . . بابا) فأتقلب في فراشي وأحدث نفسي أن هذا حلم، ولكن الصوت يلح عليّ بالنداء (بابا. . . بابا) فأفرك عينيّ بيد، وأدس الأخرى تحت الوسادة لأخرج الساعة وأنظر، فإذا هي الخامسة صباحاً! فأصيح: (يا خبر أبيض. . .! ما لك يا ولد!؟ فيقول (صباح الخير) فأقول: (أي خير يا أخي؟ حرام عليك!) فلا يعبأ بي، ولا يشفق عليّ، ويقول (هات القررررش) - هكذا ينطقها - فأحتال لأصرفه عني برفق وأقول له في جملة ما أقول (اذهب إلى أمك. . . خذه منها) فيأبى اللعين أن يتزحزح ويقول: (نائمة!) فأحدق في وجهه مستغرباً وأسأله (نائمة؟ بالذمة؟) فيؤكد لي أنها نائمة، فأقول (وأنا؟؟) فيقول (صاحي!) فأقول (تمام. . . في محله. . . لا بأس. . . ولكن القرش تحت الوسادة التي تريح عليها أمك النائمة خدها الأسيل، فاذهب إليها وادفع يدك تحت المخدة. . . بقوة. . . وخذ القرش، فإذا لم تجده هناك، فستجده لا محالة بين أسنانها، فإنها ماكرة، فافتح لها فمها وانتزعه من بين أضراسها)

فيضحك الخبيث وقد راقه الكلام، ويسألني (وإذا عضتني؟) فأطمئنه وأؤكد له أني سأعضها انتقاماً له! فيذهب عني مسرورا. . .

أو تقبل الخادمة، ويحسن أن أقول إن لها في بيتي عشر سنوات، فتقف على رأسي وراء شباك السرير وتقول بصوت خافت ولكنه ملح: (سيدي. . . سيدي. . .)

فأنظر في الساعة التي تحت الوسادة، وأقرض أسناني من الغيظ، ولكني أتجلد وأقول: (يا صباح الفل، نعم يا ستي. . . هل تريدين أن أفسر لك حلماً؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>