للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتبتسم - أعرف أنها تبتسم وإن كنت لا أراها - وتقول (هل تريد الشاي خفيفاً أو ثقيلاً؟)

فأتنهد، فإن هذا سؤالها كل يوم منذ عشر سنوات، وأقول لها ما قلت كل يوم في هذه السنوات العشر:

(خير الأمور الوسط يا شيخه!)

فتسأل (نعم؟)

فأقول على سبيل الشرح (متوسط. . لا بالخفيف ولا الثقيل. . ماذا تصنع الست؟)

فتقول: (نائمة)

فأقول: (يا بختها! ليتني كنت الست في هذا البيت السعيد!)

فتقول الفتاة معترضة (يا سيدي!)

فأقول: (اسمعي. . . إذا كنت تحبين ألا أكون الست، فاذهبي إلى هذه الست التي تغط في نومها إلى الآن (الساعة الخامسة) وأيقظيها وقولي لها إني أصبح عليها وأقبل وجنتيها، واسأل عن الشاي الجديد أين خبأته؟ افعلي هذا، والله يحفظك)

والدعاء للخادمة واجب، فما ثم شاي جديد، ولا خبأت الست شيئاً، ولكن لماذا يزعجني كل من في البيت في هذه الساعة المبكرة دونها؟

ويعلو الضجيج، ثم تدخل الست مرغية مزبدة، وهي تصيح بي: (ألا يمكن أن تكف عن هذا العبث؟ حرام عليك يا شيخ. . والله ما نمت إلا ساعتين)

فأقول (كالقطط. . . تأكل وتنكر. . . أنا أيضاً لم أنم إلا دقائق. . . ضاع الليل كله في أحلام. . .)

فتنحي عني اللحاف، وتشد يدي، أو رجلي، وهي تقول (طيب قم. . .)

فأصيح بها (إلى أين؟)

فتقول (وهل أنا أعرف؟ قم والسلام، وليكن هذا جزاؤك على إقلاق راحتي)

فأقول: (اتقي الله يا مسلمة)

فتقول: (ولماذا لا تتقيه أنت؟)

فأؤكد لها أني سأتقيه من الآن فصاعداً، وأرجو أن تتركني أنعم بالرقدة، ولكن هيهات، فقد استيقظ كل من في البيت، فلا سبيل بعد ذلك إلى راحة أو نوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>