[في روضات الفيوم]
للأستاذ العوضي الوكيل
حداّ الركبَ حاديه فأين مكانيا ... أُبين من الأشواق ما كان خافيَا
على شفتي من خمرة الحب نشوة ... تلهَّب ترنيمي بها وغنائيا
لنا ذكريات في الليالي بعيدة ... ألا منْ يُعيد اليوم تلك اللياليا
أطلُّ عليها والسُّنون سائرٌ ... وينفك قلبي شاخص الحس رانيا
لياليَ تطوي الليل، والصبح بعده ... فيطويهما قولا، وأطويه صاغيا
وآخذُ أزْوادَ النشيد مَلاحماً ... وأقبسُ أحلام الفؤاد معانيا
وقد زعموا لحْظَ الأحبة قاتلا ... فما بالهُ قد كان للجرح شافيا؟!
وما يسْتتِيه القلب إلا هواتفٌ ... تطيل على بُعدِ الزمان نجائِيا
فتأخذني منها خوَالفُ نشوة ... ترى الزمن الماضي من العمر آتِيا
فأحيا على أني دنوْتُ من المنى ... وما كنتُ لولا أن تذكرت دانيا
سقى الله في الفيُّوم روضات فتنة ... ونضَّر فيها أربُعاً ومغانيا
تخيَّلتها معنىً فلما رأيتها ... حسبتُ كأني جئتها اليوم ثانيا
فراديسُ: منضورٌ بها الظل والجنى ... تألَّقُ نوَّاراً وتسحرُ شاديا
وأين السَّواق والنسيم يديرها ... وإن كان خفّاقاً، وإن كان وانيا!
وأين الطيور البيض أَمسَّتْ بحيرة ... ترامتْ على صدْر الفلاة ترامِيا
تسرُّ إلى الشطآن بالحب والهوى ... وتوسِعُها فرطَ الغرام تناجيا
وتأخذ من روادها كل لهفة ... فترسلها لحناً مع النسْمِ ساريا
سقى الله في الفيوم روضات فتنة ... ونضَّرَ فيها أرُبعاً ومغانيا
هدانا إليها في السَّباسب طيبُها ... على أن برْحَ الشوق قد كان هاديا
فجئنا لإخوانٍ كرامٍ وصحبة ... سقوْنا من الود المطهر صافيا
إذا ما انتسبنا فالعروبة منسبٌ ... طوانا كما يطوي القصيد القوافيا
بناءٌ على الأخلاق يُدعم أُسُّمه ... وحسبك أن كان الدسوقيُّ بانيا