لا أقارن بين عهد الأستاذ الأكبر المراغي، وعهد الأستاذ الأكبر الظواهري، فإني امرؤ مراغي بروحه وقلبه وقلمه، أخشى أن يؤثر ذلك في حكمي فأحيد عن الإنصاف!
ولكني أقارن بين عهد وعهد كلاهما للأستاذ الأكبر المراغي، وتلك مقارنة مأمونة النتيجة على كل حال، فسيرجع إليه فضل أحد العهدين مهما اخذ على الآخر
العهد الأول
إني أعود بذاكرتي إلى العهد الأول للأستاذ الأكبر المراغي فأرى روحاً طيبة ترفرف في أجواء الأزهر: هي روح المصلح الأمين الذي وضعت فيه الأمة ثقتها، وعلق عليه المفكرون آمالهم. هي روح المصلح الجريء الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يصرفه عما يرى من الإصلاح اعتبار من الاعتبارات، هي روح المصلح الغيور على دعوته، المدافع عنها دفاع الأسد الهصور يكتسح العقبات، ويقتلع العراقيل، ولا يفري فرية أحد! هي روح قوية غلابة متوثبة إلى الإصلاح، غيورة عليه، صريحة في أمره؛ تقهر العقبات ولا تقهرها العقبات، وتتحكم في العيوب ولا تتحكم فها العيوب!
هي روح جريئة تثير في الأزهر معركة إصلاحية جامعة حامية الوطيس هي أشبه بثورة عنيفة على الفساد في أي لون من ألوانه: على الجمود والكسل، على الجهل والتقليد، على الجحود والكفران، على الرجعية البالية العتيقة التي تتعصب على الحق، وتنفر من حكم العقل، وتعيش في ظل الأوهام
تولى الأستاذ الأكبر المراغي مشيخة الأزهر للمرة الأولى ولم قد داخل الأزهرين، ولا عاش في جوهم، ولا ابتلى بأساليبهم؛ ولكنه كان مع ذلك بصيراً بعيوب الأزهر وطرق إصلاحه كالطبيب الحاذق يعرف الداء ويصف الدواء
فما هو إلا أن ألقيت إليه مقاليده حتى مضى قدماً في طريق الإصلاح، لا يلوي على أحد، ولا يبطئ به شيء، بل كان له في ذلك نشاط عظيم، جعله يسبق القوانين أحياناً فينفذ