لقد جهد أخونا الغمراوي أن ينقض ما قلت عن الرافعي فجاء بمغالطات لم يعصمه منها ما يتشح به من دين وخلق محتكرين للرافعيين وأغاليط يعرفها طلاب المدارس الثانوية عن المعادن وخواصها! ثم لم يبلغ بعد الجهد والعرق المتصبب إلا كما يبلغ من تقول له: إن هذه المسألة ليست من الرياضيات العالية، فهي مسألة على (القواعد الأربع الأصلية) وحلها هو كذا. فيأتي لك بحل آخر، ويظن أن ذلك يخرجها من الحيز الضيق، حيز القواعد الأصلية، إلى مجال الرياضيات العالية
ذلك شأني وشأنه في تفسير كلام الرافعي، وربما كان ختام هذه المقالات، تفكها بتلك (الغمراويات) والأمر لله!
على حدود تعريفنا للشاعر الكبير، التقينا البارحة بالعقاد في حديثه عن الجمال، ونحن بالطبع لم نستقص ما قال، ولكنها نماذج تبين الوجهة، وتكشف عن المعدن، وسيأتي غيرها في (غزل العقاد)
وهانحن أولاء نلتقي به اليوم كذلك في حديثه عن (الحب) على هذه الحدود، بل نلمحه وراءها ببعيد، يهضب في خطواته الجبارة، وهو ما يكاد يلقي باله إلى الزواحف والفواحص حوله من المتظلعين على الطريق!
فما الحب عند شاعرنا الكبير؟
إنه لن يقف به عند اللهفة الظامئة، أو الفورة العارمة، ولا عند الحنين والدموع، أو الفرحة والاستمتاع. فللحب بعد هذا وذلك وشائج بالحياة الكبرى، ومسارب في الكون والطبيعة، ومدارج وملاعب في ساحة الخلود
وليس هو إحساساً في نفس فرد، ولكنه فورة وقوة في نفس كون، ودفعة ومضطرب في ضمير دنيا، وحياة وحركة في قلب وجود
وليس هو مصادفة عابرة، ولا فلتة غير مقصودة، ولكنه نظام وقصد، تهيئهما الأقدار لبلوغ مآرب وغايات، ولتحقيق آمال وخيالات