كانت هذه المحاضرة ختام السلسلة الأولى من المحاضرات العامة التي نظمها قسم الخدمة العامة بالجامعة الأمريكية في موضع (العهد الجديد - فلسفته واتجاهاته في بناء المجتمع المصري) وقد ألقاها الدكتور إبراهيم بيومي مدكور، وهو في هذا الموضوع حجة، فكانت الأرقام والإحصائيات تنطلق من فمه وكأنه يقرأ في كتاب مفتوح! ونلخص المحاضرة بما يأتي:
يمكننا أن نحدد اتجاهات العهد الجديد في كلمتين: إصلاح ونهوض، إصلاح في الريف وفي المدينة وفي مرافق الحياة وفي أداة الحكم، ونهوض بمصر يسمو بها إلى مكان الصدارة بين الأمم. ولستم في حاجة إلى أن أذكركم بهذا الرمز الثلاثي الذي جعله العهد الحاضر شعاراً له وهو (الاتحاد والنظام والعمل). . اتحاد يقضي على الفرقة القضاء الأخير، ونظام يمحو الفوضى محواً أبدياً، وعمل منتج مثمر خصب يأخذ بيد مصر إلى المكان الذي ترمقه وتبتغيه.
فما هي الصورة التي ينبغي أن تكون عليها الأداة الحكومية لتتلاءم مع هذا العهد الجديد؟
الأداة الحكومية جهاز يجب أن يجاري الزمن، وإذا لم يؤد الجهاز وظيفته ولم ينهض بالغرض الذي خلق من أجله وجب تعديله وتحويره. وفي كل البلاد يعملون على تعديل الأداة الحكومية وتنقيح نظمها وقوانينها حتى تتفق مع سير الزمن وتطورات الحياة، وقد رأيناهم في الولايات المتحدة مثلاً قد شكلوا لجنة سنة ١٩١٢م، ثم شكلوا لجنة أخرى سنة ١٩٤٣م، وقضت اللجنة الأخيرة التي كان يرأسها رئيس الجمهورية نفسه عامين كاملين في اجتماعات متواصلة وانتهت بتعديلات جوهرية بعيدة الأثر في إصلاح الأداة الحكومية عندهم.
وللأداة الحكومية - كما تعلمون - وظيفتان: إشراف وتوجيه، عمل وتنفيذ. وإن ما نراه اليوم من أنظمة حكومية يرجع إلى سنة ١٨٨٣م إذ حاول اللورد (دوفرين) أن يضع مبادئ النظام الحكومي فعنى بالجزئيات والشكليات وأغفل الجوهر! ثم حصل أن شكلت عندنا لجان بعد لجان، ولكنها - جميعاً - كان كل وكدها أن تعالج شئون الموظفين من علاوات