للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانه بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود الخفيف

ولندع الآن ما ليت يسعى سعيه الأثيم، ولندع كذلك الخديو في حيرته وارتباكه؛ ولنعد إلى أوربا لننظر ماذا آل إليه موقف الدولتين من المسألة المصرية.

وجدير بنا ألا ننسى ما أسلفنا الإشارة إليه أكثر من مرة، ألا وهو موقف الدولتين إحداهما من الأخرى، موقف المراوغة والمداراة، ذلك الذي كان طرفاه أول الأمر غمبتا وجرانفل.

ولقد تغير هذا الموقف تغيراً أساسياً من جهة فرنسا حينما حل دي فرسنيه في الحكم محل غمبتا؛ وذلك أن هذا الرجل قد انتهج في المسألة المصرية نهجاً جديداً ما لبث أن بينه لإنجلترة حين ولي الحكم.

وقد ألقيت إلى المسيو فرسنيه مقاليد الأحكام كما ذكرنا قبل أن يخلف البارودي شريفاً في مصر بنحو خمسة أيام. فكتب إلى الحكومة الإنجليزية أنه لا يميل إلى أي تدخل عسكري في مصر سواء أكان هذا التدخل من جانب إنجلترا وفرنسا مجتمعتين، أم من جانب كل منهما على حدة؛ وأنه كذلك يرفض كل الرفض أن يقر أي تدخل من جانب الباب العالي. . .

ولعل جرانفل قد رأى في سياسة فرسنيه ما يسهل عليه الوصول إلى غرضه مع ما قد يبدو لأول وهلة من أنها تؤدي إلى عكس ذلك؛ وذلك لأنه يستطيع الآن أن يلزم دي فرسنيه بسياسته بينما يتلمس هو الأسباب لتتدخل حكومته بمفردها، ولن يعدم أن يجد من الحوادث تافهة كانت أم كبيرة ما يتخذ منه مبرراً لتدخله. ولئن لم تواته الحوادث فما أيسر أن يخلقها خلقاً أعوانه في مصر، حتى إذا سنحت الفرصة أفلت من فرنسا وانقض على الفريسة وحده؛ وإذا بدا لتركيا أن تتدخل في تلك الأثناء فلتستتر إنجلترا خلف فرنسا لأنها هي التي تعلن أنها تمانع في تدخل الباب العالي. وإن إنجلترا لتمانع في الواقع أكثر مما تمانع فرنسا

<<  <  ج:
ص:  >  >>