للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من وراء المنظار]

ولكنني كسبت القضية!

هي قضية اعرضها عليك يا قارئي العزيز بعد أن كسبتها على حد تعبير حضرات المحامين. . .

واحب أن تعلم قبل أن أحدثك عن القضية أنني رجل لا أطيق أن أرى مخلوقا في موطن مواطن الضعف أو المذلة، ولقد يجبهني شخص بما لا أحب فافضل ذلك على أن أراه يستعطف ويبكي؛ ولقد احب من أحد تلاميذي أن يكلمني في شيء من أن يجهر لي بالقول، ولا أحب منه أن يستخزي ويضعف ويستكين. . .

ومن أراد أن يزحزحني عن شيء عقدت الشيء على ألا أتزحزح عنه، ومن أراد أن يستلب مني شيء وهو عزيز على أن كان ثمة عندي ما يستلب، فليأت إلى ثم فليتصنع الضراعة وليظهر التفجع والتوجع فانه إذ ذاك يراني تراجعت تراجعا عجيبا ثم ليجهش إجهاشه واحدة فعندئذ يراني قد سلمت تسليما. . .

وليغفر لي القارئ إسرافي هذا الحديث عن نفسي فما كنت لأفعل لولا إنه يتصل بسبب قوي من قضيتي التي أريد أن أتحدث عنها. . .

دخلت على أحد ذوي قرباى في بيته وهو ممن يشغلون أحد المناصب الكبيرة، فلمحت في وجهه من إمارات الغضب والتكره ما لم أرى مثله من قبل في هذا الوجه السمح وما كاد يراني حتى ابتدرني بقوله: ادخل هذه الحجرة فستجد سيدة مع زوجتي فأخرجها وإياك أن تبطئ أو تتهاون.

فدخلت الحجرة مندهشا، فإذا بي تلقاء سيدة في حدود الأربعين غارقة في دموعها كما يقولون، ويقطر من منديلها الدمع وتسح عيناها سحا وتجهش حتى لا تكاد تبين الكلام، والى جوارها ابنة لها في نحو الخامسة عشر حسناء رائعة لولا ذبول وصفرة في محياها ونحول في بدنها، وطفلان أحدهما في العاشرة أو فوقها قليلا والثاني طريدة في العمر، وكانت البنت تجهش لإجهاشات أمها والطفلان ينظران في دهشة وألم يمسح كبيرهما عينه بمنديله.

وعلمت أن زوج السيدة مختلس، وان التحقيق أدانه، وإن زوجته باعت حليها وأدت عنه ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>