جاءنا من الأستاذ محمد فريد أبو حديد هذا الكتاب تعليقا على كتاب الأديب محمد زهدي ناصر وتوضيحا لتعقيبنا عليه ننشره شاكرين للأستاذ مساهمته الحرة في دعوة الرسالة
اطلعت في مجلتكم الغراء على مقال للأديب محمد زهدي ناصر ذهب فيه إلى أن دعوة الشباب إلى الاشتغال بالسياسة فيه مضيعة لجهودهم وفيه إقحام لهم في ميادين لا يستطيعون اقتحامها ولا يجمل بهم التلوث بما فيها من الأدران وهم لا يزالون في سن البراءة والإخلاص، وأنه أجدى بهم أن ينصرفوا إلى العلم والدرس حتى يستطيعوا أن يستفيدوا بوقتهم أكبر استفادة.
والحق أن الأديب على حق في رأيي إذا كان المقصود هو اشتغال الشباب بالسياسة العملية، فإن تلك السياسة أشد تعقداً وأوعر مرتقى من أن نجازف بشبابنا فندخله في ميدانها. ولقد كان رد الرسالة على حضرته رداً صائباً، ولكني أخشى أن يكون المحرر الأديب الذي كتب ذلك الرد لم يوضح التفريق بين السياسة والروح العام إذ قال:(على أن السياسة التي نريدها للشبان أوسع وأشمل مما يتصوره الكاتب الفاضل؛ فالسياسة دعوة وتدبير وقيادة؛ وقوى البلد المادية والأدبية معطلة من طول الإغفاء والترك؛ والإحساس الشاب هو وحده الذي يستطيع أن يحرك في طبقات الشعب هذا الجمود المزمن بالدعوة الصادقة والإرشاد الصالح والقدوة الحسنة) فالأستاذ المحرر يريد أن يفرق بين أن يعمل الشباب في ميدان السياسة العملي وأن ينغمر في تيار الاختلاف الحزبي، وبين أن يكون الشباب عاملا حياً تتوثب فيه الحماسة إلى ما فيه خير المجموع وتتقد في الروح العامة التي تتجه إلى إعلاء الوطن ورقي أهله من كل الوجوه. فهذا الروح العام الذي يتجه نحو المثل الأعلى جدير بأن يملأ قلوب الشباب، وليس فيه ما يشغل عن الدرس والعلم، بل إن قلب الشاب الذي يخلو من الاهتمام بأمور وطنه العام ولا يثور إلى الرغبة في خير مواطنيه ورفعة شأنهم لهو قلب فاتر قليل الخير.
إ سي، ذلك هو المقدور. فما زارا إلا ريح عاصفة ترهق الأعماق، وهو ينصح أعداءه وكل متفيئ نافث بألا يبصقوا في وجه الرياح.