للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١٥ - قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي وكيل كلية العلوم

بستور

صلة حديثه

وصل الفائت: ذهب بستور إلى شرقي فرنسا يبحث فساد الخمور فأصلحها، ثم ذهب إلى أواسط فرنسا على نداء الخلالين واستغاثتهم فأصلح ما فسد من صناعة الخل. وما كاد يستقر في معمله بباريس حتى جاء القدر يدق بابه، جاءه أستاذه القديم (دوماس) يتطبب لدود القز المريض في جنوب فرنسا

- ٦ -

فأجابه دوماس: (إن إقليم الحرير في الجنوب هو مسقط رأسي، وقد حضرت تواً من هناك. وقد رأيت، ويا هول ما رأيت! رأيت بلدي المسكين، قريتي (ألياس) المنكودة، تلك البلاد التي كانت ثرية بالأمس، زاهية بشجر التوت حتى أسموه الشجر الذهبي، تلك البلاد أصبحت عراء بلقعا، وتلك العراص الخضر أصبحت غبراء ذابلة، وأهملها وهم أهلي أصبحوا لا يجدون القوت). وكان صوت الشيخ فيه حزن وضيق حتى كاد يتندى بالدمغ

وكان بستور يقدر نفسه ويعضها فوق الرجال، وكان قليل التقدير للغير، إلا أنه حفظ في قلبه إجلالاً خاصاً لدوماس. واعتزم أن يبذل المعونة لهذا الأستاذ الشيخ الحزين. ولكن كيف؟ فبستور في هذا الوقت لم يكن يستطيع على الأرجح أن يميز دود القز من دود الأرض. بل لقد حدث بعد ذلك الوقت أنهم أعطوه شرنقة حرير فرفعها إلى أذنه وهزها وصاح: (ما هذا! كأن داخلها شيء!). جهل مطبق بالشرانق والدود

وكره بستور السفر إلى جنوب فرنسا ليفحص مرض هذا الدود، لأنه كره أن يخيب، والخيبة كانت أبغض الأشياء إلى نفسه. ولكن الجميل فيه أنه برغم كبريائه، وبرغم اعتداده المرذول بنفسه، استبقى من صباه حب الطفل واحترامه لعلمه القديم. فقال لدوماس: (أنا ذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>