للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[معركة صبيان]

للأستاذ نجاتي صدقي

كانت المواصلات بين أحياء القدس العربية اليهودية منقطعة انقطاعاً تاماً. . . وإذا ما تخطت سيارة من سيارات الطرفين الحدود فمعنى ذلك أنها موفدة؛ (مهمة) لا عودة لها بعد أن يتم لها إنجازها.

إلا أن هناك نوعاً من سيارات الشحن اليهودية كان يحق لها أن تخترق أحياء القدس العربية على شكل قوافل أربع مرات في اليوم، هي سيارات (البوتاس).

والسيارات هذه تابعة لشركة البوتاس التي تقع معاملها على ضفة الأردن الغربية، في بلدة (كاليه) اليهودية الصناعية، وهي تستخرج ملحه البوتاس من رواسب البحر الميت، ثم تعبئه في أكياس وترسله إلى القدس في سيارات شحن ضخمة، حيث تتولى وكالة لها تصدير هذه المادة الكيماوية الهامة إلى خارج فلسطين.

ففي بدء الحوادث كانت سيارات البوتاس تسير بحماية عدد من البوليس. . . ثم جعلت مقدمة كل سيارة مصفحة بالفولاذ لا يظهر منها سوى ثلاث كوات، إحداها أمام السائق اليهودي، واثنتان عن يمينه وعن يساره. . . ثم صارت مصفحات الجيش ترافق هذه السيارات. . . ثم أخذ فريق من الجند بكامل معداته يصحبها في طريقها الممتد من أريحا إلى وادي موسى، إلى قرية العازرية، إلى باب الأسباط في القدس فمحلة وادي الجوز، فباب الساهرة، فالشيخ جراح، فالأحياء اليهودية.

وكانت هذه السيارات تتعرض في كل سفرة إلى استقبال حار من العرب، لكنه عديم الجدوى، لأن الرصاص كان يستكين في الأكياس أو يتدحرج على أضلاع المصفحات حاني الرأس منكسر الخاطر!. .

وذات يوم عقد جماعة من صبيان وادي الجوز وباب الساهرة اجتماعاً سرياً في حديقة المتحف الفلسطيني بالقدس، وكان موضوعه رسم خطة للاشتباك مع سيارات البوتاس في معركة!. .

قال حسن، وهو أجير بقال: أنني ارتأى أن نرش الطريق بالمسامير!. .

فهزأ منه صحبه قائلين أن عجلات هذه السيارات من المطاط المسكوب لا المنفوخ.

<<  <  ج:
ص:  >  >>