للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السراب الأخير. . .]

للدكتور إبراهيم ناجي

يا سجين الحياة أين الفرار ... أوصدَ الليل بابه والنهار

فَلِمَن لفتةٌ وفيم ارتقاب ... ليس بعد الذي انتظرت انتظار

والتَّعِلاتُ من هوى وشباب ... قصةٌ مُسدلٌ عليها الستار

وَهَب السجن بابه صار حراً ... لك، لا حائلٌ ولا أسوار

وعفا القيد عنك كفاً وساقاً ... فإذا الأرض كلها لك دار. . .

أينَ أين الرحيل والتسيار ... بَعُدتْ شقةٌ وشط المزار

والخُطى المثْقَلات باليأس أغلا ... لٌ لساقيك والمشيب عثار

دون ما تبتغي دماءٌ وشوكٌ ... والسراب الذي ترى والقفار

ما الذي يصنع العليل المسجَّى ... قد تولى العوّاد والسَّمار

طال ليل الغريب، وامتنع الغم ... ضّ وفي المضجع الغضَي والنار

ما انتفاع الفتى إذا عَفَت الجنَ ... ة واجتاح دوحَها الإعصار!

عشت حتى أرى خمائل حبي ... تتهاوى كشامخٍ ينهار

تحت عيني! ويذبل الحسن فيها ... ويموت الربيع والأنوار. . .

ما انتفاعُ الفتى بموحش عيش ... بقيت كأسه وطاح العقار

وبقاءُ البساط بعد الندامى ... كأس سُمْ بها يطوف البوار

كل ما سرّ مرَّ مختصراً ... كالظل أوقاته قلال قصار

واستمرَّ المرير دون اختصار ... كيف يرجى لما يسوء اختصار

ما انتفاعي وتلك قافلةُ العـ ... يش وفي ركبها الظما والدمار

الدمار الرهيب والعَدَم الشا ... مل واللفح واللظى والأُوار

يا ديار الحبيب هل كان حُلماً ... ملتقى دون موعدٍ يا ديار!

يا عزيز الجنى عليك سلام ... كيف جادت بمثلك الأقدار

بوركَ الكَرْم والقطوف وأوقا ... تٌ كأن العناق فيها اعتصار

كلما أَطْلَقَتْك كفِّى استَردتْك ... كما يحفزُ الغريمَ الثارُ

<<  <  ج:
ص:  >  >>