(بينما كنت واقفاً في غرفة الدراسة أجيب على سؤال وجهه إليَّ مدرسي، اختفى عن ناظري التلاميذ والمدرس وجميع مل في الغرفة سوى (السبورة)، وانقلبت أرض الغرفة الخشبية إلى أرض صحراوية، ثم ما لبث أن أطل من خلف أعلى (السبورة) رجل ذو منظر مخيف، عريض الوجه، منبعج الأنف، غريب الخلقة، ذو مخالب كمخالب النمر، مرتد ثوباً أخضر وقلنسوة خضراء، ممسك بطفل صغير في الثانية من العمر، وقد ارتدى ثوباً أحمر وقلنسوة حمراء، وكان الطفل كثير الشبه بالرجل، ولكن أنفه لم يكن منبعجاً، ولم تكن له مخالب
(وبعد برهة شطر الرجل الطفل الصغير شطرين بيديه القويتين، فصحتُ من شدة الجزع بأعلى صوتي. . . ثم سمعت مدرسي يقول: (لا تّخف)؛ ثم أفقت ووجدتني واقفاً أمام مدرسي كما كنت، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه. . .)
لاحظت أن الحالم يشبه أمه البلجيكية، وأن أخاه البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً يشبه أباه المصري، وقد كان الأب شديد القسوة وكثيراً ما كان يضربه ضرباً مبرحاً؛ أما أمه، فكانت لينة القلب
أدى تحليل الحلم إلى استكشاف عقدة في عقل الصبي الباطن، مؤسسة على نزعات ترمي إلى التخلص من أخيه الذي كان مريضاً بالحصبة عندما كان في الثانية من العمر، وكان الحالم حينذاك في الثالثة فألبس المريض رداء أحمر وقلنسوة حمراء؛ وقد ظلت هذه العقدة محتبسة في العقل الباطن منذ إحدى عشر سنة، والسبب في نشوء هذه العقدة هو العناية الفائقة التي وجهها الوالدان إلى الطفل المريض، ومن ثم تشبثت بالحالم غيرة شديدة من أخيه
يمثل الرجل الوحشي أب الحالم ويرمز الطفل الصغير إلى أخيه، وقد شوهت هيئة الأب والأخ في الحلم بفعل الطاقة الكاتبة:(الرقيب الحلمي)؛ وكأن الصبي يقول لأبيه:(مزّق أخي بمالك من البطش والقوة، وخلصني منه، ليخلو لي الجو. . .)