للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب الشرقي]

من الأدب التركي الحديث

محمد بك عاكف

للدكتور عبد الوهاب عزام

لا أريد أن أعرف اليوم بصديقي عاكف بك، ومكانته بين شعراء الترك، وكيف استحق أن يسمى (شاعر الإسلام)، وعسى أن أعود إليه في مقال آخر حين يأذن لي تواضعه وحياؤه أن أكتب عنه، ولكني أعرض قطعة من الجزء الأول من ديوانه المسمى (الصفحات) عنوانها (سيفي بابا) أي (الأب سيفي) أو (عمنا سيفي) بلغة مصر.

ولست في حاجة إلى أن أبين للقارئ العزيز ما يفوته من جمال القطعة حين تترجم منثورة عاطلة من حلية النظم، ولا سيما نظم عارف بك المحكم السلس الذي يعمد إلى الموضوع الآنف. لم يألفه النظم ولم يَرُضه الشعراء فإذا هو ريّض مذلل موطأ للشعراء كأنهم درجوا عليه قرونا.

سيفي بابا

عدت البارحة إلى داري فقيل لي: (سيفي بابا) مريض طريح الفراش.

- ليت شعري ماذا به؟

- لا ندري. غير أن ابنه مرّ علينا مصبحاً فأخبرنا.

- ليتني كنت هنا. وا أسفاه. إليّ بالفانوس. أين عصاي؟ عجلي يا بنيتي. سأبيت هناك إن تأخرت فلا تنتظروا أوبتي. الطريق طويلة موحلة.

- لا بأس! لسنا وحدنا الليلة، فقد جاءت خالتكم.

العكّاز في يمناي، وفي اليسرى فانوس مكسور الزجاج تبص فيه شمعة، والمطر منهمر، والوحل إلى الحيازيم، ليس للسابل منجاة من الغرق، لولا أن أرواح الأحجار، أحجار البلاط التي دفنها البلى تنبعث أمامه فتدعوه إلى الاعتصام بها. ما زلت كالعقعق، أحجل من حجر إلى حجر، ممطراً شآبيبالرحمة على موتى الأحجار. لا تسل عمّا عانيت، ما جاوزنا الأحجار إلاّ لنسبح في البحيرات سبحا، كان فانوسي يعوم فينثر الشرر حوله. كنا وإياه

<<  <  ج:
ص:  >  >>