للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

هل بعد الشباب شباب؟

للأستاذ حسين شفيق المصري

أبعد اكتهال في الضلال صواب ... وهل صادقٌ بعد المشيب متاب

أرى الشيخ من بعد الغواية زاهدا ... كما خاف حراس الكروم غرابُ

تشوب له الغادات بالسُّخر ودَّها ... ويسخو على جُلاّسه ويُعاب

فيهلك ما يقني ويمضغ حسرة ... لها في اللهى بعد السُّلافة صابُ

ويعتزل اللذاتِ في ثوب راهب ... ومن تحته للمخزيات ثياب

فينهض في المحراب يسأل ربه ... ثواباً، وما للمفسدين ثواب

وفي نفسه عند السجود لو أنه ... يتاح له في الموبقات وثاب

وقد يتمنى لو يُنيبُ، وبينه ... وبين فنون المغريات جِذاب

فلا هو للدنيا، ولا هو ديِّن ... وقد مات، لولا جيئةٌ وذهاب

ويا رُب حي يخفض الذلُّ رأسَهُ ... وميت يُعلَّى قبرُه ويهابُ

ألا لو درى الأشياخ في زمن الصبا ... بعقبى الهوى لاستدبروه وآبوا

وشقوا إلى العلياء كل مخوفة ... تشق رؤوسٌ عندها ورقاب

وكائن ترى من مُترف ورِثَ القُرى ... وركن الحجي فيما لديه خراب

تطير به الأهواء حتى ينوشَهُ ... من الفقر في جو الرفاء عُقاب

وآخر ضاو مسَّهُ اليُتم بالطوى ... ودارت به الأيام وهي غضاب

فسار على درب الشباب إلى المنى ... وئيداً، فما استعصى عليه طِلاب

وخالس عيشَ الكدِّ ساعاتِ لذةٍ ... تعيد صفاَء النفسِ حين تُشاب

فلما دنا من شيبه بشبابه ... تربع في دست عليه حجاب

فتى العصر هل بعد الشباب شباب ... إذا غزلٌ ولى به وشراب

أكل الصِّبا حب ولهو ونشوة ... وهجر وشكوى لوعةٍ وعتاب

أفي كل ناد ملعب ومجانة ... وفي كل ليل صبوة ودعاب

أتذهب أيام الشباب على الهوى ... أليس لأيام المشيب حساب

<<  <  ج:
ص:  >  >>