للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[القاهرة الإسلامية:]

جامع الأشرف جانبلاط

مدرسته وضريحه

للأستاذ أحمد رمزي بك

كتب الجبرتى في تاريخه عن حوادث شهر ذي الحجة الحرام سنة ١٢١٥ هجرية (وانقضت هذه السنة بحوادثها وما حصل فيها، فمنها توالي الهدم والخراب، وتغير المعالم وتنويع المظالم، وعم الخراب خط الحسينية، خارج باب الفتوح والخروبى، فهدموا تلك الأخطاط والجهات والحارات والدروب والحمامات والمساجد والمزارات والزوايا والتكايا وما بها من الدور والقصور المزخرفة وجامع الجنبلاطية بباب النصر، وما كان به من القباب العظام، المعقودة من الحجر المنحوت المربعة الأركان الشبيهة بالأهرام، والمنارة العظيمة ذات الهلالية، واتصل الهدم خارج باب النصر وباب الفتوح وباب القوص إلى باب الحديد، حتى بقى ذلك كله خراباً متصلاً وبقى سور المدينة الأصلي ظاهراً مكشوفاً).

لماذا أقدم الفرنسيون على هذا التدمير والتخريب وإزالة هذه العالم؟.

وما الذي جنته الآثار الإسلامية لكي تسوى بالأرض وتزال من الوجود؟.

واستمر الجبرتي يحدثنا عن المساجد والمدارس والدور والآثار التي هدمت، والنفس تفيض أسى وحسرة، ثم ختم بقول (قصدوا بذلك إنشاء عدة قلاع ومتاريس وتحصينات لحماية القاهرة).

كنت أسمع للمؤرخ المصري وكأنه ينتزع بكلامه عن كل أثر قطعة مني لأني قاهري مولداً ونشأة، وأرى في القاهرة مدينة حية خلال العصور الماضية إذا أصابها سوء فكأنه أصابني. وأعجب لقوم لا يشعرون بشعوري، ولا يقدرون عظمة القاهرة الإسلامية! وقمت مسرعاً في سيارة وقد حملت في يدي خريطة الحملة الفرنسية وأخرى مفصله لتلك الناحية، ونظرت إلى باب القصر وإلى باب الفتوح، وقلت من هنا مر صلاح الدين وبعده نابليون، وهذا جامع الحاكم: ترى لو كان مع غيرنا هل يتركونه على حالته؟ أم كانوا يعيدون إليه رونقه، ويجعلونه بيتاً للعبادة؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>