للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إعجاز القرآن والمقاييس البشرية]

للأستاذ عبد المنعم خلاف

طال الجدل بيني وبين الأستاذ سيد قطب في مسألتي التصوير الفني في القرآن، واستخدام المنطق الوجداني في إقرار عقيدة التوحيد

وأنا من زمن أعلنت أني أكره الجدل العلني في الصحف، ولا أرتاح إلى نتائجه على النفس والحق، لأنه كثيراُ ما يجر إلى مواقف لا يدفع إليها إلا التبرير الجدلي وحب انتصار الشخص لا انتصار الحق

وقد آثرت هذين الموضوعين في نقدي لكتاب الأستاذ سيد برفق وهوادة؛ فقلت بعد أن وفيته حقه من الثناء: (غير أنني أخشى أن تكون قد أفلتت لفظة أو اثنتان من قلم المؤلف في أهم فصل من فصول الكتاب خرجت بهما فكرته الأساسية في جو من المبالغة والتعميم). هكذا أثرت هذا النقد بهذا التعبير المتواضع الذي يكاد يكون استفهاما، حتى أجنب الموضوع مزالق الجفوة، ولا أجره إلى بعض النوازع النفسية التي لا تتصل به، إذ الجدل في المسائل العلمية خاصة يجب أن يكون خاليا كل الخلو من الملابسات الغريبة، وان يكون العقل في برودة وصرامته وحيدته هو المتكلم وحده

ولكن انظر أيها القارئ كيف انتهى جدل الأستاذ سيد معي في المقال الأخير حين يقول: (وأما الاستدلال المنطقي كما أورده في الآيات (آيات سورة الأنبياء (أم اتخذوا آلهة من الأرض. . .) الخ). فأحب أن أقول عنه: إن القرآن كان أعرف بالنفس البشرية من الأستاذ عبد المنعم، فلم يسق الأدلة كما ساقها هو، وإلا لكانت متهافتة من وجهة المنطق الذهني نفسه، فهي في سياق القرآن شيء يتصل بالفطرة على استقامتها، فترفض الأوجه المنطقية الزائفة، وتؤمن بالوجه الواحد الصحيح منها إيمان اقتناع وتسليم، وهي في سياق الأستاذ عبد المنعم محاولات ذهنية لا تستقيم على الجدل). (إن القرآن يا سيدي لم يرد الأمر على النحو الذي تريد). (فالأستاذ عبد المنعم يرتب مثالبه كلها للمنطق الوجداني)

ألا يشعر القارئ أن عنصرا دخيلا يتطرق إلى طريقة الجدل فيرفع حرارة المجادل ويفسد هدوء المناقشة؟

لا يا أستاذ سيد! أنا غير مستعد أن أسير في هذا الطريق. . . وقد سرني كثيرا أن أقرأ من

<<  <  ج:
ص:  >  >>